إن قضية جمع التراث الشيعي الامامي داخل الجزيرة العربية ليس بالأمر الهين ، لكن تضافر الجهود واخلاص العزم لخدمة هذا التراث المعرفي كفيلان بتحقيق النتائج المرجوة.
إن مهمة التحقيق والطباعة غاية في الصعوبة ، لأن الباحث المختص بالتحقيق يقوم بوظيفتين في نفس الوقت. البحث عن المخطوط في أنحاء البلاد ، ثم الاشتغال بعد ذلك بتحقيقه. لذلك فقيام المؤسسات المختصة أو دور النشر التي لديها اهتمام بالتراث بجمع المخطوطات والبحث عنها يسهل مهمة المحقق والدارس. وبذلك تتكاثف الجهود وتثمر.
فالحديث عن تحقيق التراث كما يقول الدكتور مرزوق ـ الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الاسلامية بالقاهرة : «ذو صلة وثيقة بتأصيل وجود ، لأنه في زمن التحولات المعاصرة التي تلف العالم وتطيح بكثير من الهويات التي كانت لكثير من الشعوب ، يصبح من أبرز موجبات الحفاظ على هويتنا العربية والاسلامية أن نربط واقعنا بجذورنا وأن نحافظ على هذا التراث الذي نثبت به أصالتنا».
وعليه فكل مخطوط يحقق ويطبع ويخرج للوجود هو دليل على أصالتنا ، وتعميق لهويتنا الحضارية. وتعريف بالمستوى الفكري والعلمي الذي كان عليه آباؤنا وأجدادنا. ولعمري إن الشيعة الامامية في أمس الحاجة أكثر من غيرهم لهكذا عمل. لأنهم تعرضوا على طول التاريخ لموجات متتالية من الافتراء والتشويه وتحريف الحقائق.
فليس هناك من وسيلة لرد هذه الادعاءات والأكاذيب سوى اخراج تراث الشيعة وانتاج علمائهم للوجود ، وتعريف العالم به لكي تتضح الصورة وينجلي الظلام عن فرقة وتراث ساهما مساهمة فعالة ونشطة في رفد الحضارة الاسلامية بكل مفيد وجديد.
على أن هذا التراث الذي ندعو للاهتمام به واخراجه للعالم ليس لغرض ان نقف عنده وان نسد علينا أبواب المعرفة المختلفة ، مكتفين بما سطّره الأجداد وما توصلوا إليه