فيها من النكت الغريبة والإشارات العجيبة ، ولو لا خوف الإطالة لأوردنا أحاديث كثير من طرقهم في هذا المعنى (١) ، وفيما ذكرناه كفاية وافية وسيأتي في الفصول ما يؤكده إن شاء الله.
البحث الثاني :
في معنى الحديث ولا اشتباه في قوله عليهالسلام (ستفترق) ، لأن السين يجوز حملها على معناها الحقيقي ، لأن الاختلاف تراخ عن حيويته (ع) ، ويجوز حملها على التأكيد ، فإن ما هو متحقق الوقوع قريب ، كقوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (٢) ، ولا في العدد لإخباره عليهالسلام به ، وما يتوهم من أنه إن حمل على أصول المذاهب ، فهي أقل من هذا العدد ، وإن حمل على ما يشمل الفروع ، فهي أكثر منه ، توهم لا سند له. يجوز كون الأصول التي بينها مخالفة مفيدة لهذا العدد. وقد يقال : لعلهم في وقت من الأوقات بلغوا هذا العدد ، وإن زادوا أو نقصوا في أكثر الأوقات كذا ذكره الفاضل الدواني (٣) ، فذكرنا بلفظه وهو حسن ، إلا أنه يمكن تفصيل ذلك لك على وجه لا يزيد ولا ينقص ، لكنه لا يليق هنا.
نعم الاشتباه في قوله كلها في النار إلا واحدة ، قال الفاضل المذكور : من حيث
__________________
(١) حول الأحاديث التي من طرقهم في هذا المعنى راجع : الصواعق المحرقة ٧٥ ، ينابيع المودة ٢ / ١٥٣ ، ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، باب فضائل أهل البيت ص ١٨ ، مستدرك الحاكم على الصحيحين ٣ / ١٣٥ ، وراجع أيضا مخطوط كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب للشيخ أبي عبد الله البلخي الشافعي ص ٥ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي ص ٤ ، وكتاب المناقب للخوارزمي الحنفي.
(٢) سورة الضحى ، آية ٥.
(٣) هو محمد بن أسعد الصديقي الدواني ، قاض ، باحث ، يعد من الفلاسفة ، ولد في دوان (من بلاد كازرون) وسكن شيراز وولي قضاء فارس وتوفي فيها. له انموذج العلوم ، وتعريف العلم ، وشرح القصائد ، حاشية على شرح القوشجي لتجريد الكلام ولد سنة ٨٣٠ ه وتوفي سنة ٩١٨ ه. [الأعلام للزركلي ٦ / ٢٥٧].