رديئة. وفيها ثلاث برك : بركة بني إسرائيل ، وبركة سليمان ، وبركة عياض.
قال محمّد بن أحمد البشّاري المقدسي ، وله كتاب في أخبار بلدان الإسلام : إنّها متوسطة الحرّ والبرد ، وقلّما يقع بها ثلج ، ولا ترى أحسن من بنيانها ولا أنظف ولا أنزه من مساجدها! قد حمع الله فيها فواكه الغور والسهل والجبل والأشياء المتضادّة : كالأترج واللوز والرطب والجوز والتين والموز ، إلّا أنّ بها عيوبا منها ما ذكر في التوراة : انّها طست ذهب مملوء عقارب ، ثمّ لا يرى أقذر من حمّاماتها ولا أثقل مونة منها! وهي مع ذلك قليلة العلماء كثيرة النصارى ، وفيهم جفاء على الرحبة والفنادق والضرائب ثقال على ما يباع فيها ، وليس لمظلوم ناصر وليس بها أمكن من الماء والأذان.
بها المسجد الأقصى الذي شرّفه الله تعالى وعظّمه وقال : إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله. وقال ، صلّى الله عليه وسلّم : لا تشدّ الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا. وهو في طرف الشرق من المدينة ، أساسه من عمل داود ، عليه السلام. طول كلّ حجر عشرة أذرع ، وفي قبلته حجر أبيض عليه مكتوب : محمّد رسول الله ، خلقة لم يكتبه أحد. وصحن المسجد طويل عريض طوله أكثر من عرضه ، وهو في غاية الحسن والإحكام ، مبنيّ على أعمدة الرخام الملوّنة ، والفسيفساء الذي ليس في شيء من البلاد أحسن منه.
وفي صحن المسجد مصطبة كبيرة في ارتفاع خمسة أذرع ، يصعد إليه من عدّة مواضع بالدرج ، وفي وسط هذه المصطبة قبّة عظيمة مثمّنة على أعمدة رخام مسقفة برصاص ، منمّقة من داخل وخارج بالفسيفساء ، مطبقة بالرخام الملوّن. وفي وسطها الصخرة التي تزار ، وعلى طرفها أثر قدم النبيّ ، عليه السلام ، وتحتها مغارة ينزل إليها بعدّة درج يصلّى فيها. ولهذه القبّة أربعة أبواب ، وفي شرقيها خارج القبّة قبّة أخرى على أعمدة حسنة يقولون :انّها قبّة السلسلة. وقبّة المعراج أيضا على المصطبة ، وكذلك قبّة النبيّ ، عليه