(حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ) : لا نسقي ماشيتنا حتى يصدر الرعاء ويبقى لنا الماء وحدنا.
(ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِ) : أي بعد أن سقى لهما رجع إلى ظل الشجرة التي كان جالسا تحتها.
(لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) : أي من طعام (١) محتاج إليه لشدة جوعه عليهالسلام.
(تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ) : أي واضعة كم درعها على وجهها حياء منه.
معنى الآيات :
ما زال لسياق فى شأن موسى عليهالسلام بعد حادثة القتل والنصح له بمغادرة بلاد مصر إلى بلاد (٢) مدين مدينة شعيب عليهالسلام قال تعالى مخبرا عنه : (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ) أي ولما توجه موسى عملا بنصيحة مؤمن آل فرعون تلقاء مدين أي نحوها وجهتها ولم يكن له علم بالطريق الصحراوي والمسافة مسيرة ثمانية أيام قال : (عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي (٣) سَواءَ السَّبِيلِ) أي ترجّى ربه سبحانه وتعالى أن يهديه الطريق السوي حتى لا يضل فيهلك ، واستجاب الله له فهداه الطريق حتى وصل إلى بلاد مدين وقوله تعالى في الآية الثانية من هذا السياق (٢٣) (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) أي وحين ورد (٤) ماء مدين وهو بئر يسقي منها الناس مواشيهم (وَجَدَ عَلَيْهِ) أي على الماء (أُمَّةً مِنَ النَّاسِ) أي جماعة كبيرة يسقون أنعامهم ومواشيهم (وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ) وهما بنتا شعيب عليهالسلام (تَذُودانِ) أي تمنعان ماشيتهما من الاختلاط بمواشي الناس. فسألهما لا تطفلا وإنما حالهما دعاه إلى سؤالهما لأنه رأى الناس يسقون مواشيهما ويصدرون فوجا بعد فوج والمرأتان قائمتان على ماشيتهما تذودانها عن الحوض حتى لا تختلط ولا تشرب فسألهما لذلك قائلا : (ما خَطْبُكُما) أي ما شأنكما فأجابتاه قائلتين : (لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ) لضعفنا وعدم رغبتنا في الاختلاط بالرجال (وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ) لا يقوي على سقي هذه الماشية بنفسه فنحن نسقيها ولكن بعد أن يصدر الرعاء ويبقى في الحوض ماء
__________________
(١) من طعام تفسير لقوله من خير ، ومحتاج تفسير لقوله : (فَقِيرٌ).
(٢) لانّ بها العبد الصالح شعيب ، وقيل : لأجل النسب الذي بينه وبينهم لأن مدين من ولد ابراهيم ، وموسى من ولد يعقوب بن اسحق بن ابراهيم.
(٣) روي أن الله تعالى بعث إليه ملكا راكبا فرسا فقال : اتبعني فاتبعه فهداه إلى الطريق وكان ملك مدين لغير فرعون.
(٤) أي : بلغها ووصل إليها ومنه قول زهير :
فلما وردن الماء زرقا جمامه |
|
وضعن عصي الحاضر المتخيّم |