وقوله تعالى : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ) (١) (بَعْدِهِ) أي ومن يضلله الله تعالى حسب سنته فى الإضلال فليس له من أحد من بعد الله يهديه. وقوله تعالى : (وَتَرَى الظَّالِمِينَ) أي المشركين لما رأوا العذاب أى عذاب النار يقولون : متمنيين الرجوع إلى الدنيا ليؤمنوا ويوحّدوا حتى ينجوا من عذاب النار ويدخلوا الجنة مع الابرار : هل إلى مرد من سبيل؟ أى هل إلى مرد الى الدنيا من طريق؟ قال تعالى (وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها) أي على النار خاشعين خاضعين متواضعين من الذّل ينظرون من طرف خفى (٢) يسترقون النظر لا يملأون أعينهم من النظر الى النار لشدة خوفهم منها. وهنا يقول (الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) وذلك لخلودهم فى النار وحرمانهم من الوصول إلى الحور العين فى الجنة دار الابرار ، ويعلن معلن فيقول : (أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ) لأنفسهم بالشرك والمعاصى (فِي عَذابٍ مُقِيمٍ) لا يبرح ولا يزول وقوله تعالى (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) يخبر تعالى بأنه لم يكن لأولئك الظالمين من أهل النار من أولياء من دون الله ينصرونهم بتخليصهم من العذاب. وقوله :
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) أي فما له طريق إلى هدايته فى الدنيا وإلى الجنة يوم القيامة.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ لا سبيل إلى معاقبة من انتصر لنفسه بعد ظلمه.
٢ ـ وجوب معاقبه الظالم والضرب على يديه.
٣ ـ فضيلة الصبر والتجاوز عن المسلم إذا أساء بقول أو عمل.
٤ ـ لا أعظم خسرانا ممن يخلد فى النار ويحرم الجنة وما فيها من نعيم مقيم.
(اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (٤٧) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذا
__________________
(١) (مِنْ وَلِيٍ) (من) زائدة للتوكيد إذ الكلام فما له ولي من بعده وكذلك في قوله الآتي (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ) فمن زائدة للتوكيد.
(٢) الطرف مصدر طرف يطرف طرفا إذا حرك جفنه ولذا هو لا يثنى ولا يجمع قال تعالى (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) ويطلق الطرف على العين كما في هذه الآية قال الشاعر :
فغض الطرف إنك من نمير |
|
فلا كعبا بلغت ولا كلابا |