معنى الآيات :
قوله تعالى (وَمِنْ آياتِهِ) أي ومن جملة آياته العديدة الدالة على وجوده وقدرته وعلمه وحكمته والموجبة للإيمان به وعبادته وتوحيده ، الليل والنهار وتعاقبهما وانتظام ذلك بينهما فليس الليل سابق النهار ، وكذا الشمس والقمر خلقهما وسيرهما في فلكيهما بانتظام ودقة فائقة وحساب دقيق وعليه فلا تسجدوا (١) للشمس ولا للقمر أيها الناس فانهما مخلوقان من جملة المخلوقات ، ولكن اسجدوا لخالقهما (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (٢) كما تزعمون. ثم قال تعالى : لرسوله فإن أبوا أن يستجيبوا لك ويسمعوا ما قلت لهم مستكبرين فاعلم أن الذين عند ربك وهم الملائكة يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون من ذلك ولا يملون.
وقوله : (وَمِنْ آياتِهِ) أي علامات قدرته على إحياء الموتى (٣) للبعث والجزاء إنك أيها الإنسان ترى الأرض أيام المحل والجدب هامدة جامدة لا حركة لها فإذا أنزل الله تعالى عليها ماء المطر اهتزت وربت أي تحركت تربتها وانتفخت وعلاها النبات وظهرت فيها الحياة كذلك إذا أراد الله إحياء الموتى أنزل عليهم ماء من السماء وذلك بين النفختين نفخة الفناء ونفخة البعث فينبتون كما ينبت البقل وقوله : إن الذي أحياها بعد موتها لمحيي الموتى إنه تعالى على فعل كل شيء أراده قدير لا يمتنع عنه ولا يعجزه ، وكيف لا ، وهو إذا أراد شيئا إنما يقول له كن فيكون.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير التوحيد بالأدلة القطعية الموجبة لله العبادة دون غيره من خلقه.
٢ ـ بيان أن هناك من الناس من يعبدون الشمس ويسجدون لها من العرب والعجم وأن ذلك شرك باطل فالعبادة لا تكون للمخلوقات الخاضعة في حياتها للخالق وإنما تكون لخالقها ومسخرها لمنافع خلقه.
٤ ـ تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر دليل من أظهر الأدلة وهو موت الأرض بالجدب ثم حياتها
__________________
(١) لا شك أن هناك من كان يسجد للشمس في بلاد العرب ففي اليمن كانوا يعبدون الشمس على عهد ملكة سبأ لقوله تعالى على لسان الهدهد (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ) ووجد في أصنام قريش صنم يقال له شمس ولذا سموا عبد شمس.
(٢) لا شك أن هنا سجدة من عزائم السجدات إلا أنهم اختلفوا في موضع السجود فمالك يرى أنه يسجد عند قوله (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) والشافعي وأبو حنيفة وغيرهم يرى السجود عند (وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) والأمر واسع ففي أي الموضعين سجد أجزأ والحمد لله.
(٣) في الآية تقرير عقيدة البعث والجزاء بعد تقرير عقيدة الألوهية وسيأتي في الآيات بعد تقرير النبوة المحمدية وهذه أعظم أركان العقيدة الإسلامية. التوحيد البعث والجزاء والنبوة وباقي أركان العقيدة تابعة لهذه الأركان العظيمة.