شرح الكلمات :
(فَإِنْ أَعْرَضُوا) : أي كفار قريش عن الإيمان والتوحيد بعد ذلك البيان المفصل.
(فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً) : أي خوّفتكم صاعقة تنزل بكم فتهلككم إن أصررتم على هذا الكفر.
(مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) : أي أتتهم رسلهم تعرض عليهم دعوة الحق من أمامهم ومن ورائهم.
(لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) : أي بدلا عنكم أيها الرسل من البشر.
(بِغَيْرِ الْحَقِ) : أي بغير أن يأذن الله لهم بذلك العلو والاستكبار والتّجبّر.
(رِيحاً صَرْصَراً) : أي ذات صوت يسمع له صرصرة مع البرودة الشديدة.
(فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) : أي مشئومات عليهم لم يفلحوا بعدها.
(وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى) : أي أشد خزيا من عذاب الدنيا.
(فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) : أي استحبوا الكفر على الإيمان إذ الكفر ظلام والإيمان نور.
(الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) : أي الشرك والمعاصي.
معنى الآيات :
ما زال السياق في طلب هداية قريش فقال تعالى : (فَإِنْ أَعْرَضُوا) (١) بعد ذلك البيان الذي تقدم لهم في الآيات السابقة المبين لقدرة الله وعلمه وحكمته والموجب للإيمان بالله ولقائه وتوحيده فقل لهم أنذرتكم أي خوفتكم صاعقة (٢) تنزل بكم إن أصررتم على إعراضكم مثل صاعقة عاد وثمود أي عذابا مهلكا كالذي أهلك الله به عادا وثمودا.
وقوله : (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ) وهم هود وصالح من بين أيديهم ومن خلفهم كناية أن الرسول بلغهم دعوة الله لهم إلى الإيمان والتوحيد بعناية فائقة فكان يأتيهم من أمامهم ومن خلفهم يدعوهم ، قائلا لهم : لا تعبدوا (٣) إلا الله فإنه الإله الحق وما عداه فباطل فكان جوابهم لهم لا نؤمن لكم ولا نقبل منكم لو شاء (٤) الله ما تقولون لنا لأنزل به ملائكة يدعوننا إليه لا أن يرسل مثلكم من البشر وأخيرا قالوا لهم فإننا بما أرسلتم به كافرون فأياسوا الرسل من إجابتهم. هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى (١٣) والثانية (١٤) وفي الآية الثالثة (١٥) بين تعالى حال القوم كلا على حدة فقال (فَأَمَّا عادٌ) أي قوم (٥) هود (فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) فحملهم الكبر الناجم عن القوة
__________________
(١) أي استمروا على إعراضهم بعد دعوتك إياهم وإلحاحك فيها.
(٢) الصاعقة حقيقتها أنها نار تخرج مع البرق تحرق ما تصيبه ، وتطلق على الحادثة المبيدة السريعة الإهلاك.
(٣) جملة (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) تفسير لجملة (جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ).
(٤) هذا قول عاد وثمود لرسوليهم هود وصالح فحكى بهذا اللفظ.
(٥) لما حكى الله تعالى قولتي عاد وثمود لرسوليهم وهو قولهم لو شاء الله لأنزل ملائكة فصّل في هذه الآيات حال كل من القبيلتين إتماما للتذكير بحالهما والموعظة بالعذاب الذي أصابهما فقال (فَأَمَّا عادٌ.). الخ.