(عِبادَنا) لتتأسى بهم وهم (إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ) (١) وولده (يَعْقُوبَ) حفيده (أُولِي) أي أصحاب (الْأَيْدِي) (٢) أي القوى في العبادة والطاعة (وَالْأَبْصارِ) أي أبصار القلوب وذلك بالفقه في الدين ومعرفة أسرار التشريع ، وقوله تعالى (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ) أي خصصناهم (بِخالِصَةٍ) (٣) أي بخاصة امتازوا بها هي ذكر الدار أي ذكر الدار الآخرة بالعمل لها والدعوة إليها بالإيمان والتقوى ، وقوله (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ) أي المختارين (الْأَخْيارِ) جمع خيّر (٤) وهو المطبوع على الخير وقوله (وَاذْكُرْ) أي يا نبيّنا للائتساء (إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ) وقوله (وَكُلٌ) أي من داود ومن ذكر بعده من الأنبياء كانوا من الأخيار ، وقوله (هذا ذِكْرٌ) أي لهم بالثناء الحسن لهم في الدنيا ، (وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ) (٥) هم وغيرهم من المؤمنين والمؤمنات (لَحُسْنَ مَآبٍ) أي مرجع وهو الجنة حيث يرجعون إلى الله تعالى بعد الموت ، وفسر ذلك المرجع بقوله تعالى (جَنَّاتِ عَدْنٍ) أي إقامة (مُفَتَّحَةً (٦) لَهُمُ الْأَبْوابُ) (مُتَّكِئِينَ فِيها) أي على الأرائك الأسرة بالحجلة ، (يَدْعُونَ فِيها) أي يطالبون فيها (بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ) ولم يذكر الطعام إشارة إلى أن مآكلهم ومشاربهم لمجرد التلذذ لا للتغذي بها كما في الدنيا ، وقوله (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ) يخبر تعالى أن لأولئك المتقين في الجنة قاصرات الطرف أي نساء قاصرات الطرف أي حابسات له على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم من الأزواج وقوله (أَتْرابٌ) أي في سن واحدة وهي ثلاث وثلاثون سنة. وقوله تعالى (هذا ما تُوعَدُونَ) أي يقال لهم هذا ما توعدون (لِيَوْمِ الْحِسابِ) أي هذا المذكور من النعيم هو ما يعدكم به ربكم يوم القيامة. وقوله (إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ) أي ليس له انقطاع ولا فناء.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ فضيلة القوة في العبادة والبصيرة في الدين وفي الحديث (٧) «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير».
٢ ـ فضل ذكر الدار الآخرة وتذكرها دائما لأنها تساعد (٨) على الطاعة.
__________________
(١) أما إبراهيم فقد ذكر الله تعالى ما ابتلاه به من إلقائه في النار وكذا يعقوب من فقده ليوسف عليهمالسلام وأما اسحاق فلم يذكر له في القرآن ابتلاء ولعله ذكر بين مبتلين وهما أصله وفرعه فكان ذلك ابتلاء له أيضا.
(٢) جمع يد والمراد بها القوة لا الجارحة نحو والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون.
(٣) قرأ نافع بخالصة ذكر الدار بإضافة خالصة إلى الدار وقرأ حفص بتنوين (بِخالِصَةٍ) فتكون ذكر الدار عطف بيان على خالصة.
(٤) جائز أن يكون الأخيار جمع خير بإسكان الياء وجمع خير بتشديدها مكسورة نحو أموات جمع ميت وميت.
(٥) اللام للاختصاص ليست للملك ولا للتعليل بل للاختصاص إذ هي مختصة بالمتقين دون غيرهم.
(٦) مفتحة منصوب على الحال والأبواب مرفوع بمفتحة لأنه نائب فاعل.
(٧) أخرجه مسلم في صحيحه.
(٨) شاهده حديث كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة «حديث صحيح».