فلذا قالوا في الرسول ما قالوا ، وإلا فهم يعلمون براءته مما قالوا فيه.
وكم أهلكنا قبلهم من قرن : أي كثيرا من الأمم الماضية أهلكناهم.
(فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) : أي صرخوا واستغاثوا وليس الوقت وقت مهرب ولا نجاة.
(وَعَجِبُوا) : أي وما اعتبر بهم أهل مكة وعجبوا أن جاءهم منذر منهم محمد صلىاللهعليهوسلم.
قالوا ساحر كذاب : أي لما يظهره من الخوارق ولما يسنده إلى الله تعالى من الإرسال والإنزال.
(أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً) : أي لما قال لهم قولوا لا إله إلا الله ، فقالوا كيف يسع الخلائق إله واحد؟
(إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) : أي جعل الآلهة إلها واحدا أمر عجيب.
(وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا) : أي خرجوا من بيت أبي طالب حيث كانوا مجتمعين بالنبي صلىاللهعليهوسلم وسمعوا منه قوله لهم قولوا لا إله إلا الله.
(إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ) : أي إن هذا المذكور من التوحيد لأمر يراد منّا تنفيذه.
(فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) : أي ملة عيسى عليهالسلام.
(إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) : أي ما هذا إلا كذب مختلق.
(أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا) : أي كيف يكون ذلك وليس هو بأكبر منا ولا أشرف.
(بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي) : أي بل هم في شك من القرآن والوحي ولذا قالوا في الرسول ما قالوا.
(بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) : أي بل لم يذوقوا عذابي إذ لو ذاقوه لما كذبوا بل آمنوا ولا ينفعهم إيمان.
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) : أي من النبوة وغيرها فيعطوا منها من شاءوا ويحرموا من شاءوا.
(أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : أي ليس لهم ذلك.
(فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) : أي الموصلة إلى السماء فيأتوا بالوحي فيخصوا به من شاءوا أو يمنعوا الوحي النازل على نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم وأنىّ لهم ذلك.
(جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ) : أي هم جند حقير في تكذيبهم لك مهزوم أمامك وفي بدر.
(مِنَ الْأَحْزابِ) : أي من الأمم الماضية التي تحزبت على رسلها وأهلكها الله تعالى.
معنى الآيات :
قوله تعالى (ص (١) وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) أمّا ص فإنه أحد حروف الهجاء ومذهب السلف فيه أن
__________________
(١) قرأ الجمهور (ص) بالسكون وقرأ الحسن وأبي بن كعب صاد بكسر الدال وبدون تنوين ، وتوجيهها أنها من صادى يصادي إذا عارض نحو (فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) أي تتعرض والمصادات المعارضة ، والمعنى عارض القرآن بعملك وقابله به ، فاعمل بأوامره وانته عن نواهيه أو اتله وتعرض لقراءته.