(فَاتَّبِعُونِي) في عبادة الله وحده وترك عبادة غيره (وَأَطِيعُوا أَمْرِي) (١) فإني خليفة موسى الرسول فيكم فأجاب القوم الضالون بما أخبر تعالى عنهم بقوله : (قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ) أي لن نزول عن عبادته والعكوف حوله (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) (٢). ولما سمع موسى من قومه ما سمع التفت إلى هارون قائلا معاتبا عاذلا لائما (يا هارُونُ ما) (٣) (مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا) أي بعبادة العجل (أَلَّا تَتَّبِعَنِ) أي بمن معك من المسلمين وتترك المشركين ، (أَفَعَصَيْتَ (٤) أَمْرِي) ، ومن شدة الوجد وقوة اللوم والعذل أخذ بشعر رأس أخيه بيمينه وأخذ بلحيته بيساره وجره إليه وهو يعاتبه ويلوم عليه فقال هارون : (يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) إن لي عذرا في عدم متابعتك وهو اني خشيت إن أنا أتيتك ببعض قومك وهم المسلمون وتركت بعضا آخر وهم عباد العجل (أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ) وذلك لا يرضيك. (وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) أي ولم تنظر قولي فيما رأيت في ذلك.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ معصية الرسول تؤدي إلى فتنة العاص في دينه ودنياه.
٢ ـ جواز العذل والعتاب للحبيب عند تقصيره فيما عهد به إليه.
٣ ـ جواز الاعتذار لمن اتهم بالتقصير وان حقا.
٤ ـ قد يخطىء المجتهد في اجتهاده وقد يصيب.
__________________
(١) أي : لا أمر السامر أو : فاتبعوني في مسيري إلى موسى ودعوا العجل فعصوه.
(٢) روي أنّه لما قالوا هذه المقالة اعتزلهم هارون في اثنى عشر ألفا من الذين لم يعبدوا العجل فلما رجع موسى وسمع الصياح والجلبة وكانوا يرقصون حول العجل قال : هذا صوت الفتنة فلما رأى هارون أخذ شعر رأسه بيمينه ولحيته بشماله وقال : يا هارون ... الآية.
(٣) الاستفهام إنكاري إذ أنكر عليه عدم متابعته لما شاهد القوم يعبدون العجل إذ كان المفروض أن يتركهم ويلحق بموسى يخبره.
(٤) أمره هو قوله له عند مغادرة بني اسرائيل إلى جبل الطور ، (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) فلما أقام معهم ولم يبالغ في منعهم والانكار عليهم نسبه إلى عصيانه ومخالفة أمره وهذا دليل على واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتغييره ومفارقة أهله ، وأن المقيم بينهم لا سيما إذا كان راضيا حكمه كحكمهم ، وفي هذه الآية دليل على بدعة الصوفية بدعة الرقص والتواجد ، وأنها موروثة عن هؤلاء السامريين عبدة العجل والعياذ بالله تعالى.