(لا يُفْلِحُ السَّاحِرُ) : أي لا يفوز بمطلوبه حيثما كان.
(فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً) : أي ألقوا بأنفسهم ورؤوسهم على الأرض ساجدين.
(إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ) : أي لمعلمكم الذي علمكم السحر.
(مِنْ خِلافٍ) : أي يد يمنى مع رجل يسرى.
(فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) : أي على أخشاب النخل.
(أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى) : يعني نفسه ـ لعنه الله ـ ورب موسى اشد عذابا وأدومه على مخالفته وعصيانه.
معنى الآيات :
ما زال السياق في الحديث عن المباراة التي بين موسى عليهالسلام وسحرة فرعون إنه لما ألقى السحرة حبالهم وعصيهم وتحركت واضطربت وامتلأت بها الساحة شعر موسى بخوف في نفسه فأوحى إليه ربه تعالى في نفس اللحظة : (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) أي الغالب القاهر لهم. هذا ما دلت عليه الآية الأولى (٦٧) (فَأَوْجَسَ (١) فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) والثانية (٦٨) (قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) وقوله تعالى : (وَأَلْقِ ما فِي (٢) يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا) أي تبتلع بسرعة وعلل لذلك فقال : (إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ (٣) ساحِرٍ) أي هو مكر وخدعة من ساحر (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى) أي لا يفوز الساحر بما أراد ولا يظفر به أبدا لأنه مجرد تخيلات يريها غيره. وليس لها حقيقة ثابتة لا تتحول ولما شاهد السحرة ابتلاع العصا لكل حبالهم وعصيتهم عرفوا أن ما جاء به موسى ليس سحرا وإنما هو معجزة سماوية ألقوا بأنفسهم على الأرض ساجدين لله رب العالمين لما بهر نفوسهم من عظمة المعجزة وقالوا في وضوح (آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى). وهنا صاح فرعون مزمجرا مهددا ليتلافى في نظره شر الهزيمة فقال
__________________
(١) (فَأَوْجَسَ) : أي أحس ووجد أي : خاف أن يفتتن الناس قبل أن يلقي العصا.
(٢) لم يقل له : ألق العصا لأنّ فيها إكبارا لشأن العصا وأنها بحق قادرة على إبطال باطل السحرة.
(٣) قرأ الجمهور : (كَيْدُ ساحِرٍ) وقرأ بعضهم : (كيد سحر) بكسر السين أي : كيد ذي سحر ، وكيد : خبر مرفوع ، والمبتدأ : ما الموصولية في قوله : (إن ما صنعوا) وصنعوا : صلتها ، وكيد : الخبر. وقرىء بنصب كيد على أنّ ما كافة. وكيد معمول لصنعوا.