الله تعالى (وَأَبْصارِهِمْ) فهم لا يبصرون آيات الله وحججه في الكون ، وما حصل لهم من هذه الحال سببه الإعراض المتعمد وإيثار الحياة الدنيا ، والعناد ، والمكابرة ، والوقوف في وجه دعوة الحق والصد عنها. وقوله (وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) أي عمّا خلقوا له ، وعما يراد لهم من نكال في الآخرة وعذاب أليم. وقوله تعالى (لا جَرَمَ) أي حقا (أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ) المغبونون حيث وجدوا أنفسهم في عذاب أليم دائم لا يخرجون منه ولا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ دفاع الله تعالى عن رسوله ودرء كل تهمة توجه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
٢ ـ المكذبون بآيات الله يحرمون هداية الله ، لأن طريق الهداية هو الإيمان بالقرآن. فلما كفروا به فعلى أي شيء يهتدون.
٣ ـ المؤمنون لا يكذبون لإيمانهم بثواب الصدق وعقاب الكذب ، ولكن الكافرين هم الذين يكذبون لعدم ما يمنعهم من الكذب إذ لا يرجون ثوابا ولا يخافون عقابا.
٤ ـ الرخصة (١) في كلمة الكفر في حال التعذيب بشرط اطمئنان القلب إلى الإيمان وعدم انشراح الصدر بكلمة الكفر.
٥ ـ إيثار الدنيا على الآخرة طريق الكفر وسبيل الضلال والهلاك.
(ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٠) يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ
__________________
(١) وكذلك الرخصة في العتاق والطلاق والنكاح والحلف والحنث ما دام مكرها فلا يلزمه شيء لحديث : (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) الحديث ، وكذا من أكره على تسليم زوجته فلا شيء عليه إذ أكره ابراهيم على ذلك وعصمه الله تعالى ومن صبر على ما أكره به من الضرب والتعذيب فله ذلك فقد صبر عبد الله بن حذافة السهمي على ألوان من التعذيب والتهديد على يد ملك الروم حيث أسر مع جمع من المسلمين فعذب ما شاء الله أن يعذّب ثم أطلق الأسرى ، وقبّل عمر رضي الله عنه رأسه إكراما له واعترافا بفضله لأنّ ملك الروم أخذ ما أكرهه عليه تقبيل رأسه فقبّله.