(مِنْ فَضْلِهِ) : أي من فضل الله تعالى بالتجارة.
(أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) : أي تميل وتتحرك فيخرب ما عليها ويسقط.
(لا تُحْصُوها) : أي عدا فتضبطوها فضلا عن شكرها للمنعم بها عزوجل.
(ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) : من المكر بالنبي صلىاللهعليهوسلم ومن أذاه علانية هذا بالنسبة إلى أهل مكة ، إذ الخطاب يتناولهم أولا ثم اللفظ عام فالله يعلم كل سر وعلانية فى أي أحد.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في ذكر مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمته ورحمته تلك المظاهر الموجبة لتوحيده وعبادته وشكره وذكره قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ) وهو كل ماء غمر كثير عذبا كان أو ملحا وتسخيره تيسير الغوص فيه وجرى السفن عليه. وقوله (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً (١) طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) بيان لعلة تسخير البحر وهي ليصيد الناس منه السمك يأكلونه ، ويستخرجون اللؤلؤ والمرجان حلية لنسائهم (٢). وقوله : (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ) أي وترى أيها الناظر الى البحر ترى السفن تمخر الماء أي تشقه ذاهبة وجائية. وقوله : (وَلِتَبْتَغُوا) أي سخّر البحر والفلك لتطلبوا الرزق بالتجارة بنقل البضائع والسلع من إقليم إلى إقليم وذلك كله من فضل الله وحوله (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي كي تشكروا الله تعالى. أي سخر لكم ذلك لتحصلوا على الرزق من فضل الله فتأكلوا وتشكروا الله على ذلك والشكر يكون بحمد الله والاعتراف بنعمته وصرفها فى مرضاته وقوله : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ) (٣) أي ألقى في الأرض جبالا ثوابت (أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) كي لا تميد بكم ، وميدانها ميلها وحركتها إذ لو كانت تتحرك لما استقام العيش عليها والحياة فيها. وقوله : (وَأَنْهاراً) أي وأجرى لكم أنهارا في الأرض كالنيل والفرات
__________________
(١) قسّم مالك اللحم ثلاثة أقسام وهي : لحم ذوات الأربع ، ولحم ذوات الريش ، ولحم ذوات الماء ، ومنع بيع الجنس الواحد بجنسه متفاضلا أو نسيئة.
(٢) الإجماع على جواز تختم الرجل بخاتم الفضة للأحاديث الثابتة وذلك منها حديث البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه (أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم اتخذ خاتما من فضة ونقش فيه محمد رسول الله) ولذا جاز للقضاة وغيرهم أن ينقشوا أسماءهم على خواتمهم.
(٣) في هذه الآية دليل على استعمال الأسباب إذ كان الله قادرا على سكونها دون الجبال ، ومع هذا أرساها ، وسكنها بالجبال تعليما لعباده للأخذ بالأسباب ، و (رَواسِيَ) جمع راس ، على غير قياس ، كفوارس ، وعواذل جمع فارس وعاذل.