مخلوقاته وقوله : (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ) (١) أي منظر حسن جميل حين تريحونها عشية من المرعى إلى المراح (وَحِينَ تَسْرَحُونَ) أي تخرجونها صباحا من مراحها إلى مراعيها ، فهذه لذة روحية ببهجة المنظر. وقوله (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِ (٢) الْأَنْفُسِ) أي إلا بجهد النفس والمشقة العظيمة. فالإبل في الصحراء كالسفن في البحر تحمل الأثقال من بلد إلى بلد وقد تكون المسافة بعيدة لا يصلها الإنسان إلا بشق النفس وبذل الجهد والطاقة ، لو لا الإبل سفن الصحراء ومثل الإبل الخيل والبغال والحمير في حمل (٣) الأثقال. فالخالق لهذه الأنعام هو ربكم لا إله إلا هو فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا وقوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمْ) أي خالقكم ورازقكم ومربيكم وإلهكم الحق الذي لا إله لكم غيره لرؤوف رحيم ، ومظاهر رحمته ورأفته ظاهره في كل حياة الإنسان فلو لا لطف الله بالانسان ورحمته له لما عاش ساعة في الحياة الدنيا فلله الحمد وله المنة.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ قرب يوم القيامة فلا معنى لاستعجاله فإنه آت لا محالة ، وكل آت قريب.
٢ ـ تسمية الوحي بالروح من أجل أنه يحيى القلوب ، كما تحيى الأجسام بالأرواح.
٣ ـ تقرير التوحيد والنبوة والبعث الآخر بذكر مظاهر القدرة الإلهية والعلم والحكمة والرأفة والرحمة.
(وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (٨) وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (٩) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ
__________________
(١) الجمال يكون في الصورة ، وهو تناسب أجزائها ، ويكون في الأخلاق بأن يكون المرء على صفات محمودة كالعدل والعلم والحكمة وكظم الغيظ وإرادة الخير لكل احد وجمال الأفعال يكون بملاءمتها لمصالح الخلق نافعة لهم غير ضارة بهم.
(٢) شق النفس : مشقتها ، وغاية جهدها وعليه فالشق المشقة ، والشق : الجانب من كل شيء.
(٣) في الآية دليل على جواز ركوب الإبل ، والحمل عليها لكن لا تحمل أكثر مما تطيق فقد ضرب عمر حمالا وقال : تحمل على بعيرك ما لا يطيق. وكان لأبي الدرداء جمل يقال له دمون يقول له : يادمون لا تخاصمني عند ربك.