(بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ) : بل اطيعوا الله ربكم ووليكم ومولاكم فإنه خير من يطاع واحق من يطاع.
(الرُّعْبَ) : شدة الخوف من توقع الهزيمة والمكروه.
(مَأْواهُمُ) : مقر إيوائهم ونزولهم.
(مَثْوَى) : المثوى مكان الثوى وهو الإقامة والاستقرار.
(الظَّالِمِينَ) : المشركين الذين اطاعوا غير الله تعالى وعبدوا سواه.
معنى الآيات :
ما زال السياق في احداث (١) غزوة أحد فقد روى أن بعض المنافقين لما رأى هزيمة المؤمنين فى أحد قال في المؤمنين ارجعوا الى دينكم وإخوانكم ولو كان محمد نبيا لما قتل إلى آخر ما من شأنه أن يقال في تلك الساعة الصعبة من الاقتراحات التي قد كشف عنها هذا النداء الإلهي للمؤمنين وهو يحذرهم من طاعة الكافرين بقوله عزوجل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا (٢) يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) فلا شك أن الكافرين قد طالبوا المؤمنين بطاعتهم بتنفيذ بعض الاقتراحات التى ظاهرها النصح وباطنها الغش والخديعة ، فنهاهم الله تعالى عن طاعتهم في ذلك وهذا النهي وإن نزل في حالة خاصة فإنه عام في المسلمين على مدى الحياة فلا يحل طاعة الكافرين من أهل الكتاب وغيرهم وفي كل ما يأمرون به أو يقترحونه ، ومن أطاعهم ردّوه عن دينه إلى دينهم فينقلب : يرجع خاسرا في دنياه وآخرته ، والعياذ بالله هذا ما تضمنته الآية الأولى (١٤٩) وأما الآية الثانية (١٥٠) فقد تضمنت الأمر بطاعته تعالى ، إذ هو أولى بذلك لأنه ربهم ووليهم ومولاهم فهو أحق بطاعتهم من الكافرين فقال تعالى : (بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ) (٣) فاطيعوه ، ولا تطيعوا اعداءه وان اردتم أن تطلبوا النصر بطاعة الكافرين فان الله تعالى خير الناصرين فاطلبوا النصر منه بطاعته فإنه ينصركم وفي الآية الثالثة (١٥١) لما امتثل المؤمنون أمر ربهم فلم يطيعوا
__________________
(١) لفظ الكافرين شامل لكل ما أولت الآية به من المشركين والمنافقين واليهود ، وهذا أمر لا ينكر فإنّ طاعة الكافرين لا تفضي بمن أطاعهم إلا إلى الخيبة والخسران في الدّارين.
(٢) وجه المناسبة هو أنه لمّا أمر تعالى المؤمنين بالاقتداء بالصالحين من أتباع الأنبياء ، وذلك بالصبر والاحتساب ، حذّرهم في هذه الآيات من اتباع الكافرين وقبول ما يطلبون ويقترحونه عليهم فإنه مفض بهم إلى الكفر أولا ثم إلى الإثم والخسران ثانيا
(٣) قرىء بنصب اسم الجلالة ويكون معمولا لفعل مقدّر وتقديره : بل أطيعوا الله مولاكم فهو أحق بطاعتكم من الكافرين والمنافقين وفي هذا ردّ على من قال ساعة الهزيمة : لو كلمنا ابن أبي يأخذ لنا أمنا من أبي سفيان.