أما الفاعل : فاعلم أن الفاعل الذي هو فاعل على الحقيقة هو كل حي قادر مختار إن شاء فعل ، وإن شاء لم يفعل ، أو مكره على الفعل بغير اختيار (١) ، وجملة الفاعلين أربعة :
[أقسام الفاعلين]
فالفاعل الأول : هو الله الخالق البارئ المصور المبدئ المعيد ، الفعال لما يريد ، وفعله هو جميع أصول العالم وفروعه ، التي لا خالق لها إلا هو سبحانه ، خلافا لمن أنكر ذلك من فرق الملحدين.
والفاعل الثاني : هو كل حي قادر عالم عاقل متمكن بما ركب الله له وفيه من القدرة ، ومن آلة الحركة والسكون على تصريف حركته وسكونه فيما يختاره (٢) من فعل واجب أو مستحب (٣) أو محظور أو مكروه أو مباح ، خلافا للمجبرة.
والفاعل الثالث : هو كل عاقل مكره على فعل أو مسخور من المماليك وغيرهم.
والفاعل الرابع : هو كل حي غير عاقل ، وذلك لأن جميع أصناف الحيوانات التي ليست بعاقلة لا توصف بأنها مختارة ، وإن كان بعضها ملهما للتمييز بين ما ينفع ويضر ، وهذا التقسيم للفاعلين مخالف لمذهب المجبرة ؛ لأن كل فاعل من الخلق مجبور بزعمهم على فعله.
[ذكر صفة العلة عند القائلين بها]
وأما العلّة : فصفتها عند القائلين بها أنها بخلاف جميع ما تقدم ذكره من أوصاف الفاعلين ؛ لأن وجود معلولها يجب أن يكون مقارنا لوجودها ، قالوا : وتقدمها عليه تقدم بالرتبة لا بالزمان ، وليس لها إلا معلول واحد.
[أقسام العلل]
__________________
(١) ـ في (ب) : غير مختار.
(٢) ـ في (ب) : فيما يحتاج.
(٣) ـ نخ (أ) : أو مستحق.