أحوال الناس من الغيوب التي لا يعلمها إلا الله سبحانه ، ولذلك قال تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [الأنعام : ١٢٤] ، ونحو ذلك من الآيات التي ذكر فيها الاصطفاء [والاجتباء (١)] والاختيار.
ثم أخبر سبحانه بمن اصطفاه فقال : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ ...) الآية [الحديد : ٢٦] ، وذريتهما معا لا تكون إلا من ولد إبراهيم دون سائر ولد نوح.
ومما أكد به ذلك قوله سبحانه في إبراهيم : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) [البقرة : ١٢٤] ، فعهد له بذلك ، ولم يستثن من ذريته إلا من ظلم ؛ فلم (٢) تزل النبوة في ولده ـ عليهالسلام ـ إلى أن بعث الله محمدا ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وقال فيه : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ ...) الآية [آل عمران : ٦٨] ، وأخبر سبحانه أنه ختم به الأنبياء ، ثم ورد نص الكتاب والسنة بكون الأمر من بعده في وصيّه خاصة ثم في ذريته ، ولذلك خصهم بالذكر في آية المباهلة وفي خبر الكساء ، وفي قوله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ...) الآية [المائدة : ٥٥] ، وفي تأكيد النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لهذه الآية بقوله : ((من كنت مولاه فعلي مولاه)).
وبأنه (٣) ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بايعهم له ولم يبايعه لهم ، وأمّره عليهم ولم يؤمّر أحدا منهم عليه ، وأكد ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ما في آية المباهلة وخبر الكساء من ذكر ذريته وعترته بالأخبار الكثيرة البينة نحو قوله : ((عليكم بأهل بيتي)) وقوله : ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به من بعدي لن تضلوا أبدا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي)) وما أشبه ذلك مما يدل على أنه لا بد لله سبحانه في كل عصر من حجة من
__________________
(١) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).
(٢) ـ نخ (ج) : ولم تزل.
(٣) ـ نخ (ب) : وبأن النبي.