لاختلاف أحوالهم في التمكن ، وإما لأجل سهو بعضهم في بعض المسائل أو سهو من حكى عنهم ، وإما (١) تدليس مدلس في بعض كتبهم ، ونحو ذلك مما يجوز وقوعه.
ولا يجوز لأحد (٢) أن ينسب إليهم الاختلاف في الدين بل يجب حسن الظن بهم ، والتأول لما أشكل من كلامهم ، ونفي كل ما علم كونه خطأ عنهم ، ويجب التمسك بالحي منهم دون الميت ، وإن كان وقت فترة وجب العمل بالأحوط من أقوالهم ، وذلك لأن كثيرا من المسائل مرجأ لأنظار الأئمة في كل عصر على حسب تمكنهم نحو الحكم فيمن كفره كفر إلزام ، وفي حمل المرتدة الذي حملت به قبل ردتها هي وزوجها ، وفي ذمة أهل الكتاب ، وفي قاطع الصلاة المقر بوجوبها عليه ، وفي مسألة الرد على ذوي الأرحام ، وفي رجل خلف أختين لأب وأم وأختا لأب معها عصبة غير إخوة ، وفي أمور مما يجب أن تدرأ به الحدود ، وفي غلو من غلا من شيعة الإمام الأول إما في تشديد أو ترخيص ورده إلى الحد الذي تعداه.
ومن لطيف أنظار الأئمة ، ومستحسن سيرهم استخراج بعضهم من مجمل حكم بعض ما يكون أصلح للمحكوم عليه في بعض الأحوال اقتداء بما حكاه الله سبحانه من حكم داود وسليمان ـ عليهماالسلام ـ في غرم ما استهلكته غنم قوم من غلّة حرث قوم آخرين ؛ فحكم داود ـ عليهالسلام ـ بوجوب غرم ذلك حكما مجملا من غير تعيين وقت ، وذلك هو ظاهر الحكم الواجب الذي لا خلاف فيه ، ونظر سليمان ـ عليهالسلام ـ في ذلك بتوفيق الله سبحانه له فعلم أن الغرم من غلّة الغنم أصلح لأهلها ، وأنه لا خلل في ذلك على أهل غلة الحرث لأجل تأخر وقت حصاد تلك الغلّة كتأخر غلة الغنم ؛ فصوب الله سبحانه حكمه بذلك ، ولم يخط أباه بل قال سبحانه : (فَفَهَّمْناها
__________________
(٥) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).
(١) ـ في (ب) : أو.
(٢) ـ في (ب) : ولا يجوز لأجله.