ولغيرها تبارك الله عن ذلك وعلا علوا كبيرا.
وقال : والله فعظيم الشأن ، قوي السلطان ، لم يزل مدركا للأشياء قبل تكوينها ، ولا فرق بين دركه لها بعد تكوينها ، وبين دركه لها قبل تكوينها.
وقال : فإن قال : فما معنى قول الله : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) (٤٦) [طه] ، فقد تجده يصف نفسه بالسمع والبصر؟
فإنا نقول : [إن] (١) الرأي من الخلق هو المدرك لما أبصر ، وكذلك السامع فهو المدرك لما سمع ، فلدرك السامع لما سمع وصف بالسمع المخروق ، ولدرك المبصر ما أبصر (٢) وصف بالعين ذات الجفن المشقوق ؛ فأما الله سبحانه فيدرك المسموعات والمبصرات لا بآلة من الآلات لكن درك قدرة بها وصف (٣) نفسه ، ولا هي هو ولا غيره من المجسمات من خلقه ، لكنها من كلماته المخلوقات.
وقال : فإن قال السائل : فما الفرق بين إرادة الله لما يفعل وبين إرادة المخلوقين لما يفعلون؟
فإنا نقول للسائل : إن بين صفات الله وصفات خلقه فرقا والحمد لله ؛ لأن إرادة الله سبحانه صفة له ، ومراده وجود فعله ، وإرادة المخلوقين خواطر في ضمائر القلوب ، وبين ذلك فرق كبير لا يخفى إلا على من ضعف فهمه وقل عقله.
فإن قال السائل : فلا أرى (٤) لله إرادة إذا كان مراده وجود فعله.
فإنا نقول : إن مراده لو لم يكن وجود فعله لكانت صفاته كصفات خلقه.
__________________
(١) ـ زيادة من نخ (ب ، ج).
(٢) ـ نخ (ب) : بالبصر.
(٣) ـ نخ (ب) : لكن درك قدرة وصف بها نفسه
(٤) ـ نخ (أ) : فلا أدري.