الأشياء كامنة فيها قبل ظهورها ، وموجودة فيها بالقوة قبل وجودها بالانفعال.
قالوا : وذلك العقل الأول هو العقل الكلي ، وسائر العقول جزئيات له ، والنفس المنفعلة منه هي الكلية ، وسائر النفوس جزئيات لها.
قالوا : وهذه النفس الكلية إذا أضيفت إلى ما بعدها من العقول فهي عقل ، وما أشبه ذلك من أقوالهم التي هي الأصل والقدوة لكل غال ، ومنها تفرعت كل بدعة باطلة ، نحو قول المجوس (١) : إن الميت منهم إذا ألقي في النار صعدت به (٢) إلى النور.
وقول أهل التناسخ (٣) : إن الإنسان يخرج من هيكله إذا مات إلى هيكل آخر.
وقول الباطنية (٤) : إن منهم من هو بعض رب ، ومنهم رب ، ومنهم أكثر ، وأن الميت
__________________
(١) ـ المجوس : هم الذين يقولون بصانعين يزدان وهو : فاعل الخير بزعمهم ، وهو عندهم الله ، تعالى عن قولهم ، واهرمن وهو : الشيطان فاعل الشر ويقولون إن أهرمن حدث من فكرة يزدان الردية ، ولهم أقوال ظاهرة الفساد سريعة البطلان.
وطبقات المجوس ، ثلاث : الكيومرثية ، والزروانية ، والزردشتية ، وفكرة يزدان الردية هي : أن يزدان لما تم له الأمر قال في نفسه لو كان لي منازع كيف حالي فحدث أهرمن. الملل والنحل للإمام المرتضى ٧٢ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ / ١٧١.
(٢) ـ نخ (ب) : صعدت به النار إلى النور.
(٣) ـ أهل التناسخ : قال بالتناسخ بعض الكفار وبعض من ينتحل الإسلام كالروافض ، وأول من أحدثه فيهم رجل يقال له : أحمد بن حائط ، وله جهالات خرج بها عن الإسلام ، زعموا أن الروح تنتقل في الهياكل فالمثاب يتلذذ والمعاقب إلى بهيمة يتألّم ، وأنكروا البعث إلى غير ذلك من الجهالات ، انتهى من المنية والأمل شرح الملل والنحل. قال في كتاب الحور العين : وقال أصحاب التناسخ ـ منهم جمهر بن بختكان الفارسي ومن قال بقوله : بدوام الثواب والعقاب فالثواب انتقال أرواح المحسنين إلى الأبدان الإنسية ، والعقاب انتقال أرواح المسيئين إلى أبدان البهائم والسباع والهوام. انتهى.
(٤) ـ الباطنية : فرقة من الفرق التي تنتحل الإسلام وهم في الحقيقة خارجون عن الدين ، لإنكارهم الخالق تعالى وإنكارهم المعاد الجسماني ، وأصول مذهبهم تعود إلى مذاهب الفلاسفة والمجوس وهم من أعظم الفرق ضررا ومكيدة لأن مذهبهم لا يكاد يعرف ، لتسترهم وإحداثهم كل وقت مذهبا ، وفشا ـ