ثم من بعدهم على الجملة لمن بلغ درجة (١) السبق ، وجمع خصال الفضل من ولد الحسن والحسين خاصة ، وأنهم هم آل النبي وعترته وذريته الذين أوجب الله مودتهم واصطفاهم لإرث كتابه وسماهم أهل الذكر وأولي الأمر ، وأمر بسؤالهم ، وأوجب طاعتهم مع طاعته وطاعة رسوله ، وأمر بالرد إليهم ، وجعل طريق النجاة في طاعتهم والتمسك بهم ، وطريق الهلاك في مخالفتهم.
ومذهب المعتزلة : هو القول بأن النص بدعة ، وأن أولي (٢) الأمر وأهل الذكر ليس المراد بهم أهل البيت خاصة ، وأن الله سبحانه لم يجعل الإمامة بعد النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في واحد بعينه ، ولا في منصب من قريش مخصوص ، بل جعل الأمر في ذلك شورى بين الأمة يعقدون ويختارون للإمامة (٣) من اتفق رايهم على تقديمه ، واحتجوا بقول الله سبحانه : (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) [الشورى : ٣٨].
وحكى الحاكم (٤) ـ رحمهالله تعالى ـ في السفينة : أن شاعرهم قال في ذلك :
__________________
(١) ـ نخ (ب) : درجات.
(٢) ـ نخ (ب) : أولوا.
(٣) ـ نخ (أ) : للأمة.
(٤) ـ الحاكم الجشمي أبو سعيد ، المحسن بن محمد بن كرامة بن محمد بن أحمد بن الحسن بن كرامة ابن إبراهيم بن إسماعيل بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن الحنفية بن الإمام علي بن أبي طالب ـ عليهمالسلام ـ ، هكذا ساق نسبه ابن فندق في تاريخ بيهق ، ولد رحمة الله عليه في قرية جشم من ضواحي بيهق خراسان في شهر رمضان سنة (٤١٣ ه) ، هو الإمام الحافظ المحدث المفسر الأصولي المتكلم القارئ النحوي اللغوي ، إماما عالما صادعا بالحق ، شيخ العدلية له الكثير من المؤلفات العظيمة الغزيرة التي بلغ عددها أكثر من نيف وأربعين كتابا ، كان في الأصول معتزليا من مدرسة القاضي عبد الجبار ، وفي الفروع حنفيا ، ثم رجع في الأصول والفروع إلى مذهب الزيدية الهادوية ، وألف في فنون متعددة من فنون العلم ومن أشهر مؤلفاته كتاب التهذيب في التفسير تسعة مجلدات ، وهو طراز لواء العدلية ، وكتاب السفينة في التاريخ أربعة مجلدات ، وكتاب تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين في الآيات النازلة في أهل البيت ، وله رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس التي كانت السبب في قتله في الرد على ـ