«الثناء بصدق الوعد ، لا بصدق الوعيد ؛ والحضرة الإلهيّة تطلب الثناء المحمود بالذات ، فيثنى عليها بصدق الوعد ، لا بصدق الوعيد ، بل بالتجاوز : (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) [١٤ / ٤٧] ؛ ولم يقل : «ووعيده» ، بل قال : (وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ) [٤٦ / ١٦]. مع أنّه توعّد على ذلك» ـ انتهى ـ.
ويؤيّده ما رواه شيخنا الصدوق ـ رحمهالله ـ في كتاب التوحيد (١) عن مولانا الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجز له ، ومن أوعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار».
وقال كمال الدين عبد الرزّاق الكاشي في شرحه للفصوص (٢) :
«إنّ أهل النار إذا دخلوها وتسلّط العذاب على ظواهرهم وبواطنهم ملكهم الجزع والاضطراب ، فيكفر بعضهم ببعض ، ويلعن بعضهم بعضا ، متخاصمين متقاولين ـ كما ينطق به كلام الله في مواضع ـ وقد أحاط بهم سرادقها.
فطلبوا أن يخفّف عنهم العذاب أو أن يقضى عليهم ـ كما حكى الله عنهم بقوله : (يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) [٤٣ / ٧٧]
__________________
(١) ـ التوحيد : باب الأمر والنهي والوعيد ، ٤٠٦. المحاسن : كتاب مصابيح الظلم ، باب (٢٧) الوعد والوعيد ، ٢٤٦. عنها البحار : ٥ / ٣٣٤ ـ ٣٣٥. راجع أيضا اعتقادات الصدوق : باب الاعتقاد في الوعد والوعيد.
(٢) ـ شرح الفصوص : الفص الإسماعيلي : ١٢٣.