قال (١) :
«الرتبة الرابعة الفائزون ، وهم العارفون دون المقلّدين ، وهم المقرّبون السابقون ، فإنّ المقلّد ـ وإن كان له فوز على الجملة بمقام في الجنّة ـ فهو من أصحاب اليمين ، وهؤلاء هم المقرّبون ، وما يلقى هؤلاء يجاوز حدّ البيان ، والقدر الممكن ذكره ما فصّله القرآن ـ فليس بعد بيان الله بيان ـ والذي لا يمكن التعبير عنه في هذا العالم فهو الذي أجمله قوله تعالى : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) [٣٢ / ١٧] ، وقوله (٢) : «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر».
والعارفون مطلبهم تيك الحالة التي لا يتصوّر أن تخطر على قلب بشر في هذا العالم ، فأمّا الحور والقصور والفواكه واللبن والعسل والخمر والحلى والأساور ، فإنّهم لا يحرصون عليها ، ولو اعطوها لم يقنعوا بها ، ولا يطلبون إلّا لذّة النظر إلى وجهه الكريم (٣) ؛ فهو غاية السعادات ونهاية اللذات.
__________________
(١) ـ إحياء علوم الدين : ٤ / ٤٧.
(٢) ـ عدة الداعي : ٩٩. عنه البحار : ٨ / ١٩١ ، ح ١٦٨.
البخاري : كتاب بدء الخلق ، باب ما جاء في صفة الجنة ، ٤ / ١٤٣. ابن ماجة : كتاب الزهد ، ٢ / ١٤٤٧ ، ح ٤٣٢٨. المسند : ٢ / ٣١٣ و ٤٣٨. الترغيب والترهيب : كتاب صفة الجنة والنار ، ٦ / ٣٢٩. وما يقرب منه في مسلم : كتاب الإيمان ، باب ٨٤ ، ١ / ١٧٦ ، ح ٣١٢.
(٣) ـ كتب في الهامش :
گداى كوى تو از هشت خلد مستغنى است |
|
اسير كوى تو از هر دو عالم آزادست |