فإحداها : مرتبة من له استعداد طبيعيّ لاستكمال قوّته النظريّة ـ دون العمليّة ـ.
الثانية : مرتبة من اكتسب ذلك الاستكمال في قوّته النظريّة اكتسابا تكليفيّا ، دون تهيّؤ طبيعيّ ، ولا حصّة له في أمر القوّة العمليّة.
الثالثة : مرتبة من ليس له تهيّؤ طبيعيّ ، ولا اكتساب تكليفيّ في قوّته النظريّة ، وله ذلك التهيّؤ في قوّته العمليّة.
الرابعة : مرتبة من له تكلّف في إصلاح الأخلاق واكتساب الملكات الفاضلة ، دون تهيّؤ طبيعيّ لذلك.
إذا عرفت ذلك ـ فاعلم أنّ للمقرّبين البالغين في الملكات الشريفة لذّات عظيمة في الجنّة ، قد فازوا بنعيم الأبد والسرور الدائم في حضرة جلال ربّ العالمين ـ (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) [٥٤ / ٥٥] ـ غير مخرجين عن لذّاتهم ؛ لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين ، وهم فيها خالدون.
كما قال عليهالسلام (١) : «لا يظعن مقيمها».
جرد عن عوارض الأبدان وشوائب المواد ، مرد عن مزاحمة القوى المتغالبة المتجاذبة المؤدية إلى الهرم والموت ، مكحلين بالأنوار الساطعة ، ينظرون إلى ربّهم بوجوههم المفارقة. وأمّا (أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) ولهم لذّات دون الوصول إلى رتبة
__________________
(١) ـ من فقرات الخطبة المذكورة.