فصل [٤]
قال الفاضل العارف كمال الدين بن ميثم البحراني في شرح نهج البلاغة عند قولهعليهالسلام «درجات متفاضلات» (١) :
«اعلم أنّ ألذّ ثمار الجنّة هي المعارف الإلهيّة ، والنظر إلى وجه الله ذي الجلال والإكرام ؛ والسعداء في الوصول إلى نيل هذه الثمرة على مراتب متفاوتة ودرجات متفاضلة :
فالاولى مرتبة من اوتي الكمال في حدس القوّة النظريّة ، حتّى استغنى عن معلّم بشريّ رأسا ، واوتي مع ذلك ثبات قوّته المفكّرة واستقامة وهمه ، منقادا تحت قلم العقل ، فلا يلتفت إلى العالم المحسوس بما فيه ، حتّى يشاهد العالم المعقول بما فيه من الأحوال ، ويستثبتها في اليقظة ؛ فيصير العالم وما يجري فيه متمثّلا في نفسه ، فيكون لقوّته النفسانيّة أن تؤثّر في عالم الطبيعة ، حتّى ينتهي إلى درجة النفوس السماويّة ، وتلك هي النفوس القدسيّة اولات المعارج ، وهم (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) [٥٦ / ١٠ ـ ١١] ، وهم أفضل النوع البشريّ وأحقّه بأعلى درجات السعادة في الجنّة.
المرتبة الثانية : مرتبة من له الأمران الأوّلان دون الثالث ـ أعني التأثير في عالم الطبيعة ـ وهذه مرتبة أصحاب اليمين وتحتها مراتب :
__________________
(١) ـ شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠. الخطبة ٨٢ حسب ترقيم الشرح.