شدّة نفخها ينقطع السماء ، وتنطمس النجوم ، وتجمد البحار ، وتظلم الأبصار ، وتضع الحوامل حملها ، وتشيب الولدان من هولها يوم القيامة ، ثمّ يأمر الله ـ تبارك وتعالى ـ أطفال المشركين أن يلقوا أنفسهم في تلك النار ، فمن سبق له في علم الله ـ عزوجل ـ أن يكون سعيدا ألقى نفسه فيها ، فكانت عليه بردا وسلاما ـ كما كانت على إبراهيم عليهالسلام.
ومن سبق له في علم الله عزوجل أن يكون شقيّا امتنع ، فلم يلق نفسه في النار ، فيأمر الله تبارك وتعالى فتلتقطه ، لتركه أمر الله وامتناعه من الدخول فيها ، فيكون تبعا لآبائه في جهنّم ، وذلك قوله عزوجل :
(فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ* فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ* خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ* وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) [١١ / ١٠٦ ـ ١٠٨] بغير استثناء.
أقول : ويشبه أن تكون تلك النار صورة التكاليف الشرعيّة المقدّرة ، بأن يتصوّر تلك التكاليف بالصور المناسبة لها في الآخرة ـ وهي الصورة الناريّة ـ فمن كان منهم من أهل الإطاعة والانقياد والإيمان في علم الله ـ عزوجل ـ بأن كانت نفسه مفطورة على الخير ، ولو كان يبقى لآمن بها وقبلها ، يلقي نفسه في النار ؛ وإن يكن الآخر يأبى ويهاب. كما يلوّح إليه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) : «الله أعلم بما كانوا عاملين».
__________________
(١) ـ مضى الحديث آنفا.