وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) : «الجنّة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله ، والنار مثل ذلك».
إنّ الدارين (٢) إنّما تنشئان بنفوس أهلها ، وتعمران بأخلاقهم وأعمالهم ؛ وقد مضى ما يدلّ على ذلك من الآيات والأخبار في مباحث البرزخ ـ وتمام التحقيق في ذلك يطلب من كتاب : «عين اليقين» (٣) ـ.
__________________
(١) ـ مضى في الصفحة : ١١٥٥.
(٢) ـ كتب المصنف هنا فصلا كاملا ثم شطب عليه ـ غير مقطع منه ، وهو ما يلي :
فصل قال في الفتوحات المكّية في معرفة جهنّم [الباب الحادي والستّون : ١ / ٢٩٧] :
«اعلم ـ عصمنا الله وإيّاك ـ أنّ جهنّم من أعظم المخلوقات ، وهي سبّحت الله في الآخرة ، وسمّيت «جهنّم» لبعد قعرها ـ يقال : «بئر جهنام» إذا كانت بعيدة القعر ـ. وهي تحوي على حرور وزمهرير ، ففيها البرد على أقصى درجاته ، والحرور على أقصى درجاته ؛ وبين أعلاها وقعرها خمس وسبعون إلى مائة من السنين. فاختلف الناس فيها : «هل خلقت بعد ، أو لم يخلق» ـ والخلاف مشهور فيها ـ وكذلك اختلفوا في الجنّة ، وأمّا عندنا وعند أصحابنا ـ أهل الكشف والتعريف ـ فهما مخلوقتان غير مخلوقتين.
أمّا قولنا : «مخلوقتان» ، فكر جل يبنى دارا ، فأقام حيطانها كلّها الحاوية عليها خاصّة ، فقال : «هي دار» ، فإذا دخلتها لم تر إلّا سورا دائرا على فضاء وساحة ، ثمّ بعد ذلك ينشئ بيوتها على أغراض الساكنين فيها ، من بيوت وغرف وسرادق ومهالك ومخازن ، وما ينبغي أن يكون فيها ؛ وفي دار حرورها هواء محرق لا جمر لها سوى بني آدم والأحجار المتّخذة آلهة ، والجنّ لهبها.
قال الله ـ تعالى ـ : (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) [٢ / ٢٤] ، وقال : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) [٢١ / ٩٨] ، وقال : (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ* وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ) [٢٦ / ٩٤ ـ ٩٥]».
وتحدث فيها الآلات بحدوث أعمال الجنّ والإنس الذين يدخلونها».
أقول : محصّل كلامه أنّ الدارين إنّما تنشئان ...
(٣) ـ راجع عين اليقين : ٢٩٥.