القيامة ، فيرى طاعات نفسه في ديوان غيره ـ كما علمت في نظائره ـ وما لم ينكشف بعد للإنسان فليس بموجود له ، وإن كان موجودا في نفسه ؛ فإذا انكشف له وعلمه ، صار موجودا له وكأنّه وجد الآن في حقّه.
ثمّ المنقول ليس نفس الحسنات والسيّئات ، بل الأثر الذي يترتّب عليهما من تنوير القلب وإظلامه ؛ وإنّما عبّر بهما عن الأثر لأنّه المقصود والغاية منهما ، وبين آثارهما تعاقب وتضادّ.
ولذلك قال تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) [١١ / ١١٤].
وفي الحديث (١) : «أتبع السيئة بالحسنة تمحها».
و : «الآلام تمحيصات للذنوب» (٢).
ولذلك قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣) : «إنّ الرجل ليثاب حتّى بالشوكة تصيب رجله».
__________________
(١) ـ الترمذي : ٤ / ٣٥٥ ، كتاب البر والصلة ، باب (٥٥) في معاشرة الناس ، ح ١٩٨٧ : «أتبع السيئة الحسنة تمحها».
وفي أمالي الطوسي (المجلس السابع ، ح ١٤ ، ١٨٦) : «إذا عملت سيّئة فاعمل حسنة تمحوها». البحار عنه وعن تفسير القمي ٧١ / ٢٤٢ ، ح ٢ ـ ٣.
(٢) ـ في أمالي الطوسي (المجلس ٢٧ ، ح ٢ ، ٦٠٢) : «المرض لا أجر فيه ، ولكنّه لا يدع على العبد ذنبا إلّا حطّه». البحار : ٥ / ٣١٧ ، ح ١٥.
وفي التمحيص : (باب التمحيص بالعلل والأمراض : ٤٣) : «لا يمرض مؤمن ولا مؤمنة إلا حطّ الله به من خطاياه».
(٣) ـ في مسلم (كتاب البر والصلة ، باب (١٤) ثواب المؤمن فيما يصيبه ... ، ٤ / ١٩٩٢ ، ح ٥١) : «ما من شيء يصيب المؤمن ، حتّى الشوكة تصيبه ، إلا كتب الله بها حسنة ، أو حطّت عنه بها خطيئة». وفي الباب أحاديث اخر يقرب منه.