كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا) [٤٥ / ٢٨] ، فيقضى الله بين خلقه ، ويقضى بين الوحوش والبهائم ، حتّى أنّه ليقتصّ الجمّاء من ذات القرن ، ثمّ يقول : «كوني ترابا» ، فعند ذلك يقول الكافر : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) ـ ثمّ يقضى بين العباد».
وعن ابن عمر ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) قال : «يحشر الناس يوم القيامة كما ولدتهم أمّهاتهم حفاة عراة».
فقالت عائشة : «الرجال والنساء»؟ قال : «نعم».
قالت : «وا سوأتاه ـ فينظر بعضهم إلى بعض»؟
فضرب على منكبها ، قال : «يا ابنة أبي قحافة ـ يشتغل الناس يومئذ عن النظر ، وشخصوا بأبصارهم إلى السماء موقفين أربعين سنة ، لا يأكلون ولا يشربون ؛ فمنهم من يبلغ العرق قدميه ، ومنهم من يبلغ ساقيه ، ومنهم من يبلغ بطنه ، ومنهم من يلجمه العرق من طول الوقوف ؛ ثمّ يقوم الملائكة حافّين من حول العرش ، فيأمر الله مناديا فينادي : «أين فلان بن فلان»؟ فيشرئبّ الناس ـ أي رفعوا رءوسهم ـ لذلك الصوت ، ويخرج ذلك المنادي من الموقف ، فإذا وقف بين يدي ربّ العالمين فيسأل : «أين أصحاب المظالم»؟
فينادون رجلا رجلا ، فيؤخذ من حسناته ويدفع إلى مظلمته ، يومئذ لا دينار ولا درهم ، إلّا أخذ من الحسنات وردّ من السيّئات ؛ فلا يزالون يستوفون من حسناته حتّى لا تبقى له حسنة ، ويؤخذ من
__________________
(١) ـ جاء ما يقرب منه في الدر المنثور (غافر / ١٧ ، ٧ / ٢٨٠) : «أخرج الخطيب في تاريخه بسند واه عن عمر ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يحشر الناس يوم القيامة كما ولدتهم ...».