وذلك لأنّ تشخّص البدن ـ على ما حقّقه المحقّقون (١) ـ ليس إلّا بالنفس ، فلا يمتاز ولا يتعيّن إلّا بها ، ولهذا يكون بدن زيد وأعضاؤه ينسب إليه ويعرف به ويحكم بوحدته ـ وإن تبدّل أنواعا من التبدّل.
فجوهريّة هذا الإنسان واحدة في الدنيا والآخرة وروحه باق مع تبدّل الصور عليه ـ من غير تناسخ باطل ـ وكلّ ما نشأ من عمله الذي كان يعمله في الدنيا من خير أو شرّ يعطى لقالبه جزاء ذلك في الآخرة.
ومن هنا قال الصادق عليهالسلام في قوله ـ عزوجل ـ (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) [٤ / ٥٦] ، حيث سئل : «ما ذنب الغير»؟
قال : «ويحك ـ هي هي ، وهي غيرها». ثمّ مثّل باللبنة المكسورة المجدّدة ثانيا (٢). وبهذا تتوافق وتتلاءم الآيات والأخبار والدلائل الدالّة على أنّ المعاد في الآخرة هو عين هذا الجسم الميّت ، كقوله ـ سبحانه ـ : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) [٣٦ / ٧٩] ؛ والدّالّة على أنّه مثله ، كقوله تعالى : (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ) [٥٦ / ٦١] ـ إلى غير ذلك ـ. فافهم واغتنم.
__________________
(١) ـ كتب أولا : «ما حققه استادنا صدر المحققين سلمه الله تعالى» ، ثم شطب عليه وكتب : «المحققون». راجع الأسفار الأربعة : ٩ / ١٨٥ ـ ١٩٩. المبدأ والمعاد : ٣٨٠ ـ ٣٩٦. تفسير سورة يس لصدر المتألهين : الآية (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) : ٤٣٤ ـ ٤٤٧.
(٢) ـ تفسير القمي : ١ / ١٦٩.