فصل [٧]
قيل (١) : إنّما يعاد الإنسان بجميع قواه وجوارحه ، لأنّ كلّ قوّة من قواه بما هو إنسان يسري من نفسه إلى البدن ، ولكلّ منها كمال يخصّها ، ولذّة وأ لم تناسبها ، وبحسب كلّ ما كسبته يلزم لها في الطبيعة الجزاء.
وقد ثبتت الغايات الطبيعيّة لجميع المبادي والقوى ، عالية كانت أو سافلة ؛ (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها) [٢ / ١٤٨] ، وهذا هو مقتضى الحكمة والوفاء بالوعد والوعيد ولزوم الجزاء والمكافات للعبيد.
وكذلك لكلّ موجود من الموجودات حشر وإعادة ـ لامتناع ساكن في الخليقة ، معطّل في الطبيعة ـ بل الكلّ متوجّه نحو الغاية المطلوبة منه ، إلّا أنّ حشر كلّ شيء إلى ما يناسبه ويقصده ؛ فللإنسان بحسبه ، ولقواه بحبسها ، وللملائكة بحسبهم ، وللشياطين بحسبهم ، وللحيوانات بحسبها ، وللنباتات بحسبها (٢).
قال الله ـ عزوجل ـ : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) [٦ / ٣٨].
وقال في الشياطين : (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ) [١٩ / ٦٨].
وفي بعض الأخبار (٣) : «إنّ الحيوانات يحشر يوم القيامة ، فيقضي
__________________
(١) ـ مقتبس من مفاتيح الغيب : المفتاح الثامن عشر ، المشهد السادس : ٦٠٩ ـ ٦١٠.
(٢) ـ راجع عين اليقين : ٤٢٢ ـ ٤٢٥.
(٣) ـ أورد السيوطي أحاديث يقرب من هذه المضامين في الدر المنثور : ٨ / ٤٠١ ـ ٤٠٢.