فصل [٩]
[الرجعة في الآيات والروايات]
قال الشيخ أبو علي الطبرسي ـ رحمهالله ـ في مجمع البيان (١) في تفسير قوله ـ عزوجل ـ : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) [٢٧ / ٨٣] :
«استدلّ بهذه الآية على صحّة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإماميّة ، بأن قال : إنّ دخول «من» في الكلام يوجب التبعيض ، فدلّ ذلك على أنّ اليوم المشار إليه في الآية يحشر فيه قوم دون قوم ؛ وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) [١٨ / ٤٧].
وقد تظاهرت الأخبار عن أئمّة الهدى من آل محمّد عليهمالسلام في أنّ الله ـ تعالى ـ سيعيد عند قيام المهدي قوما ممّن تقدّم موتهم من أوليائه وشيعته ، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ، ويبتهجوا بظهور دولته. ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقّونه من العقاب ، في القتل على أيدي شيعته ، أو الذلّ والخزي بما يشاهدون من علوّ كلمته.
ولا يشكّ عاقل أنّ هذا مقدور لله غير مستحيل في نفسه ، وقد فعل الله ذلك في الامم الخالية ، ونطق القرآن بذلك في عدّة مواضع ـ مثل قصّة عزير وغيره ـ على ما فسّرنا في
__________________
(١) ـ مجمع البيان : ٧ / ٢٣٤.