فأيّ أمّة استقامت بالسلامة والعافية ، حتّى تستقيم هذه الامّة بطاعة الله ـ جلّ جلاله ـ وطاعة الأئمّة الهادية عليهمالسلام ، وجعلت آخر الامم ونبيّها آخر الأنبياء عليهمالسلام فكيف كان يتهيّأ الاستيصال لها بالفناء ، وبمثل الذي جرى مع الامم الهالكة مع الأنبياء عليهمالسلام».
فصل [١٥]
[منشأ وقوع الخلاف]
اعلم أنّ جميع الاختلافات التي وقعت في هذه الامّة في الدين ، وافتراقهم إلى نيف وسبعين ، ومشاجراتهم ومقاتلاتهم وحروبهم وغزواتهم وتسلّط الظلمة والأشرار منهم على الصالحين والأبرار ، وتغلّب سلاطين الجور منهم في البلاد والأقطار ، كلّ ذلك إنّما نشأ من ظلم هؤلاء الظلمة الكفرة من أهل النفاق والشقاق.
سيّما الأوّلين ، فإنّهم إذ عدلوا بالأمر عن أهله ، واستقلّوا به من دونهم ، تشوّقت إليه نفوس أراذل المنافقين واجترأت عليه زنادقة بني اميّة الملحدين ، مثل معاوية ويزيد وبني مروان ـ عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ـ لا سيّما ، وقد مهّدوا لهم بالتمكين بعد التأسيس ، وولّوهم الولايات ، وعقدوا لهم الألوية والرايات ، وبالغوا في إبعاد أهل البيت عليهمالسلام وخواصّهم عنها.
وآل الأمر إلى بني العبّاس ، السالكين مسالك اولئك الأرجاس ، وظهرت علماء السوء ، الضالّون المضلّون ـ كلّ يدعو الناس إلى نفسه ـ حتّى خفي الحقّ وأهله من اولى العصمة والرشاد ، وتاه الناس في بيداء