جهالاتهم ، وضلّوا عن الطريق القويم ؛ فافترقت أحزاب ، وانشعبت في بدع وأهواء ، فصار الأمر إلى ما ترى.
وإلى هذا أشار دعبل الخزاعي حيث قال (١) :
وما سهّلت تلك المذاهب فيهم |
|
على الناس إلّا بيعة الفلتات (٢) |
وتظلّمات أهل البيت عليهمالسلام من أفعال هؤلاء ـ أبعدهم الله ـ ونسبة ما جرى عليهم من الظلم والجور وغصب الحقوق ـ على طول المدّة ـ إليهم معلوم شايع ؛ ونعم ما قيل : «إنّ الحسين عليهالسلام إنّما اصيب في يوم السقيفة».
وقال مولانا الصادق عليهالسلام : «ما من محجمة دم اهريقت ـ إلى يوم القيامة ـ إلا وفي أعناقهما» ـ رواه في الكافي ـ (٣).
وذلك لأنّ كلّ ظالم تأخّر عنهم ، فإنّما هو بظلمهم اقتدى ، وفي بيداء ضلالتهم هام وغوى ، وكلّ ما تعطّل في حدود الله وضاع من حقوق الله ، أو حصل به نقص في الدين ، أو حيف على المؤمنين ، فعهدته عليهم ، وتبعته لديهم ، وهم عنه مسئولون ، وبه مطالبون بين يدى الحكم العدل الّذي لا يجور ، ولا يخفى عليه مكنون ولا مستور (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [٤٠ / ٥٢].
فنحن براء منهم ، وممن مالأهم وشايعهم ورضي بفعالهم ، وكفرنا بهم ، وبدا بيننا وبينهم العداوة والبغضاء أبدا ، حتّى تؤمنوا بالله وحده ؛ ولن يؤمنوا بالله وحده ، لأنّهم زهقت أنفسهم وهم كافرون.
__________________
(١) ـ انظر القصيدة والتعليق عليها في كتاب الغدير : ٢ / ٣٤٩.
(٢) ـ إشارة إلى ما مضى (ص ٨٢٥) من قول عمر : «كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها».
(٣) ـ في الكافي (٨ / ١٠٢ ـ ١٠٣ ، ح ٧٥) عن أبي جعفر عليهماالسلام : «ما اهريق محجمة من دم ولا اخذ مال من غير حلّه ولا قلّب حجر عن حجر ، إلا ذاك في أعناقهما».