ما بقوا لظلمي ، ولا عاشوا لهضمي ، ولما قالوا : «إنّه حريص منهم» ؛ اليوم ما قريش تتوافق على حدود الحقّ والباطل.
فإن مهّدت مهاد نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ورفعت أعلام دينه ، وأعليت منار رسوله ، فوثبوا عليّ ونالوني بعداوتهم ، ووتروني بحسدهم».
* * *
فقام إليه رجل يقال له أبو حازم الأنصاري (١) وقال له : «يا أمير المؤمنين ـ أبو بكر (٢) وعمر ، ظلماك حقّك وأخذا إرثك ؛ على الحقّ مضيا ، أم على الباطل ماتا»؟
فقال له : «يا أخا الأنصار ـ أخذا ما أخذا ، لا على إصابة حقّ مضيا ، ولا عن جور وفتنة خشيا».
ـ ثمّ قال : ـ «أيّها الناس ـ أتعلمون أنّ ابن آدم حين قتل أخاه وخالف مولاه كان على حقّ ومحجّة»؟ قالوا : «لا ـ يا أمير المؤمنين».
قال : «أتعلمون أنّ بني يعقوب ، هل كانوا على حقّ حين باعوا أخاهم ، وعقّوا أباهم ، وخالفوا خالقهم»؟ قالوا : «لا ـ يا أمير المؤمنين».
قال : «ليس فعل واحد بصاحبه حسدا وبغضا»؟ قالوا : «نعم ـ يا أمير المؤمنين». قال : «كذلك فعلا بي ما فعلا حسدا وبغضا (٣) عليّ ؛ ولم يتب الله على بني يعقوب إلّا بالاستغفار والتوبة ، ولو أنّ قريشا تابت إليّ واعتذرت من فعلها لديّ (٤) ، لكنت استغفرت الله ـ تعالى ـ لها».
__________________
(١) ـ لم أعثر على ترجمته.
(٢) ـ في النسخة : أبا بكر.
(٣) ـ في هامش النسخة : وبغيا ـ خ.
(٤) ـ في هامش النسخة : الى ـ خ ل.