العدل الذي لا يجور ، فإنّ قريشا قد صغّرت عظيم قدري ، وسلبتني سلطان ابن عمّي ، واستخفّت بعرضي ، وقهرتني على تراثي من خير قومي ، وأغروا بي أعدائي ، وسلبوني ما مهّدت لنفسي من لدن صبائي بجهدي وكدّي ، ومنعوني ما خلّفه لي أخي وشقيقي ؛ وقالوا : «إنّك لمنهم حريص».
ويلهم ـ أليس بنا اهتدوا من تياهة الكفر وعمى الضلالة وغيّ الجهالة؟
ويلهم ـ أليس بنا أبعدهم الله من المحنة العماء والفتنة الصمّاء؟
ويلهم ـ ألم اخلّصهم من نيران حروب الطماطمة ومكافحة القماقمة (١) الذين كانوا قطب رحا الصفوف ورجال الحتوف؟
ويلهم ـ أليس بي تسمّوا بالشرف وبي ـ والله ـ نالوا الحقّ والنصف؟
ويلهم ـ ألست آية نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ودلالة رسالته ، وعلامة رضاه وغضبه؟
ويلهم ـ ألست الذي غمس نفسه في لجج الحروب ، فأقطع الدروع إذا فزعت تيم إلى الفرار عن الزحف ، وعديّ عن الإنكار عن ورود الحتف؟
أمّا أنّي لو سلّمت قريشا إلى المنايا والحتوف ، وتركتها حصيدا للسيوف ، وغنيمة لأهل الغنائم ، ووطأة للأعاجم ، تطحنهم سنابك الصافنات (٢) ، وحوافر الصاهلات في ظلال الأعنّة وبريق الأسنّة :
__________________
(١) ـ الطمطام : وسط البحر. القمقام : البحر ، والأمر الشديد ، والسيد ، والعدد الكثير.
(٢) ـ السنابك ، جمع السنبك : طرف الحافر. الصافنات ، جمع صافن : الخيل.