بوجود الشكاية منه ـ وإن لم يسمع ذلك ـ فضلا عن أنّ الشكاية بلغت مبلغ التواتر المعنوي في ألفاظ ، لشهرتها وكثرتها ، يعلم بالضرورة أنّها لا يكون بأسرها كذبا ؛ بل لا بدّ أنّ يصدّق بعضها ، فتثبت فيه الشكاية.
على أنّ هذه الخطبة نقلها من يوثق به من الأدباء والعلماء قبل مولد الرضي بمدّة (١) ، ووجدت بها نسخة موثوقا بنقلها ، عليها خطّ الوزير ابن الفرات (٢) ، وكان قبل مولد الرضي بنيف وستّين سنة (٣)».
__________________
(١) ـ راجع شرح النهج لابن أبي الحديد ، آخر شرح الخطبة : ١ / ٢٠٥.
(٢) ـ الذي رأى هذه النسخة هو قطب الدين الراوندي ، حيث ذكر في شرحه نهج البلاغة (على ما حكاه صاحب الغدير ـ قدسسره ـ : ٧ / ٨٤) : «وجدتها بنسخة عليها خط الوزير أبي الحسن عليّ بن محمد بن الفرات وكان وزير المقتدر بالله ...». وقد جاء نفس النص في كلام الشارح البحراني أيضا (١ / ٢٥٢) ، والأظهر أنه حكاية قول القطب الراوندي ، فيقرأ كلمة «وجدت» مبنيا للمفعول ؛ وإن يحتمل أن تكون تلك النسخة وصل إليه أيضا ورآه بنفسه ـ قدسسره ـ.
وأما ابن الفرات فهو علي بن محمد بن موسى بن الفرات. قال المسعودي (مروج الذهب : الباب الخامس والعشرون بعد المائة ، ٥ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣) : «ولما قتل العباس بن الحسن استوزر المقتدر علي بن محمد بن موسى بن الفرات ، فكانت وزارته ـ إلى أن سخط عليه ـ ثلاث سنين وتسعة أشهر وأياما ... واستوزر علي بن محمد بن الفرات ثانية وخلع عليه ... سنة أربع وثلاثمائة ، وقبض عليه ... سنة ستّ وثلاثمائة ... واستوزر ... وهي الثالثة من وزاراته ثم قبض عليه ...».
(٣) ـ ولد السيد الشريف الرضي ـ قدسسره ـ في ٣٥٩. وتوفى رحمهالله في ٤٠٦.