شتّان ما يومي على كورها (١) |
|
ويوم حيّان أخي جابر (٢) |
فيا عجبا! بينا هو يستقيلها في حياته (٣) ، إذ عقدها لآخر بعد وفاته ؛ لشدّ ما تشطّرا ضرعيها (٤) ، فصيّرها في حوزة خشناء ، يغلظ كلمها (٥) ويخشن مسّها ، ويكثر العثار [فيها] (٦) والاعتذار منها ؛ فصاحبها كراكب الصعبة ـ إن أشنق لها خرم ، وإن أسلس لها تقحّم (٧) ـ فمني الناس ـ لعمر الله ـ بخبط وشماس (٨) ، وتلوّن واعتراض.
فصبرت ـ على طول المدّة ، وشدّة المحنة ـ حتّى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم.
ـ فيا لله وللشورى! ـ
متى اعترض الريب فيّ مع الأوّل منهم حتّى صرت اقرن إلى هذه النظائر؟!
لكنّني أسففت إذ أسفّوا (٩) ، وطرت إذا طاروا ؛ فصغى رجل منهم
__________________
(١) ـ الكور : الرحل. والضمير راجع إلى الناقة المذكورة في الأبيات السابقة.
(٢) ـ «حيّان» اسم رجل ذا نعمة ورفاهيّة ينادمه أعشى. و «جابر» : أخو حيان. ومعنى البيت أنّ فرقا بعيدا بين يومه في سفره ـ وهو على كور ناقته ـ وبين يوم حيّان في رفاهيّته.
(٣) ـ إشارة إلى ما هو معروف من قول أبي بكر : «أقيلوني» مضى في : ٨١٨.
(٤) ـ جملة معترضة بين المعطوفين. الضرع للحيوانات كالثدي للمرأة.
(٥) ـ الكلم : الجرح. أي خشونتها يجرح جرحا غليظا. وفي بعض نسخ النهج : كلامها.
(٦) ـ الإضافة من المصدر ، ساقط من النسخة.
(٧) ـ الصعبة من الإبل ما ليس بذلول. أشنق البعير وشنقه : كفّه بزمامه ؛ وأصله من الشناق ، وهو خيط يشدّ به فم القربة. أسلس : أرخاه. تقحّم : رمى بنفسه في القحمة ، وهي الهلكة.
(٨) ـ مني فلان : ابتلى واصيب. الخبط : السير على غير جادة. الشّماس : النفار.
(٩) ـ أسفّ الطائر : دنا من الأرض.