فصل [١١]
قال في نهج البلاغة (١) : ومن خطبة له عليهالسلام المعروفة بالشقشقيّة ـ ويعرف بالمقمّصة ـ :
«أما والله ـ لقد تقمّصها فلان ، وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرّحا ، ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقى إليّ الطير ؛ فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا (٢) ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه. فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى ؛ فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ؛ أرى تراثي نهبا.
حتّى مضى الأوّل لسبيله ، فأدلى بها إلى فلان بعده ـ
ـ ثمّ تمثّل عليهالسلام بقول الأعشى (٣) ـ :
__________________
(١) ـ نهج البلاغة : الخطبة الثالثة. وإنما سميت بالشقشقية لقوله عليهالسلام في آخرها : «تلك شقشقة هدرت ثم قرّت». وسميت بالمقمصة لقوله عليهالسلام في أولها : «لقد تقمّصها فلان».
وجاء ما يقرب منه في معاني الأخبار : ٣٦٠ ـ ٣٦٤ ، باب معاني خطبة لأمير المؤمنين عليهالسلام ، ح ١. علل الشرائع : ١٥٠ ـ ١٥١ ، الباب ١٢٢ ، ح ١٢. أمالي الطوسي : المجلس الثالث عشر ، ح ٥٤ ، ٣٧٢ ـ ٣٧٤. الإرشاد للمفيد : ١ / ٢٨٧ ـ ٢٩٠.
البحار : ٢٩ / ٤٩٧ ـ ٥٠٠.
(٢) ـ سدل الثوب : أرخاه. وقوله عليهالسلام : «وطويت عنها كشحا» مثل يقال لمن أعرض عن الشيء وقاطعه. والكشح : ما بين الخاصرة والجنب.
(٣) ـ قال ابن أبي الحديد (شرح نهج البلاغة : ١ / ١٦٦) : البيت الذي تمثّل به عليهالسلام فإنّه للأعشى الكبير ، أعشى قيس. وهو أبو بصير ميمون بن قيس بن جندل ؛ من القصيدة التي قالها في منافرة علقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل ، وأولها :
علقم ما أنت إلى عامر |
|
الناقض الأوتار والواتر |