بالحقّ من أهل البرّ والإخبات في طاعة ربّهم ومناصحة إمامهم ؛ إنّي والله لو لقيتهم وحدي ـ وهم وأهل الأرض ـ ما استوحشت منهم ولا باليت ، ولكن أسف يريبني وجزع يعتريني من أن يلي هذه الامّة فجّارها وسفهاؤها ؛ فيتّخذون مال الله دولا ، وكتاب الله دغلا ، والفاسقين حزبا والصالحين حربا ؛ وأيم الله لو لا ذلك ما أكثرت تأنيبكم وتحريصكم ولتركتكم إذا أبيتم حتّى ألقاهم متى حمّ لي لقاهم ؛ فو الله إنّي لعلى الحقّ ، وإنّي للشهادة لمحبّ ، وإنّي إلى لقاء الله ربّي لمشتاق ، ولحسن ثوابه منتظر.
إنّي نافرتكم فانفروا خفافا وثقالا ، وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ولا تثاقلوا في الأرض فتعمّوا بالذلّ ، وتقرّوا بالخسف ، ويكون نصيبكم الأخسر ؛ إنّ أخا الحرب اليقظان الأرقّ ـ إن نام لم تنم عينه ـ ومن ضعف اوذي ، ومن كره الجهاد في سبيل الله كان المغبون المهين.
إنّي لكم اليوم على ما كنت عليه أمس ، ولستم لي على ما كنتم عليه ، من تكونوا ناصريه أخذ بالسهم الأخيب (١). والله ـ لو نصرتم الله لنصركم ، وثبّت أقدامكم ، إنّه حقّ على الله أن ينصر من نصره ، ويخذل من خذله ؛ أترون الغلبة لمن صبر بغير نصر ، قد يكون الصبر جبنا ، ويكون حميّة ، وإنّما الصبر بالنصر ، والورود بالصدر ، والبرق بالمطر.
اللهمّ أجمعنا وإيّاهم على الهدى ؛ وزهّدنا وإيّاهم في الدنيا ، واجعل الآخرة خيرا لنا من الاولى».
__________________
(١) ـ السهم الأخيب : الذي لا نصيب له من القداح.