فقال له : «صدقت ؛ فهل في عليّ ما ليس في أحد منكم»؟
قال : «نعم». قال : «فما يصدّكم عنه»؟
قال : «إجماع الناس على أبي بكر».
قال : أما والله ـ لئن أصبتم سنّتكم ، لقد أخطأتم سنّة نبيّكم ، لو جعلتموها في أهل بيت نبيّكم لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم».
[وصية أبي بكر لعمر]
فولي أبو بكر ، فقارب واقتصد ، فصحبته مناصحا ، وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا ، حتّى إذا احتضر قلت في نفسي : «ليس يعدل بهذا الأمر عنّي» ؛ ولو لا خاصّة بينه وبين عمر وأمر كان ربضاه (١) بينهما لظننت أنّه لا يعدله عنّي ، وقد سمع قول النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم لبريدة الأسلمي (٢) حين بعثني وخالد بن الوليد إلى اليمن (٣) ، وقال : «إذا افترقتما فكلّ واحد منكما على حياله ، وإذا اجتمعتما فعليّ عليكم جميعا».
فأغرنا فأصفينا (٤) سبيا فيهم خولة بنت جعفر جار الصفا ـ
__________________
(١) ـ كذا. قال ابن فارس (مقائيس اللغة : ٢ / ٤٧٧) : «ربض ـ الراء والباء والضاد ـ أصل يدلّ على سكون واستقرار ...». وفي معادن الحكمة : ربصاه. (ربص بفلان : انتظر به خيرا أو شرا). وفي كشف المحجة : رضياه. (ولعله الصحيح).
(٢) ـ بريدة بن الحصيب بن عبد الله الأسلمي ، أسلم عام الهجرة إذ مر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم به مهاجرا ؛ توفى سنة اثنتين أو ثلاث وستين. راجع طبقات ابن سعد : ٤ / ٢٤١ ـ ٢٤٣. اسد الغابة : ١ / ٢٠٩ ، الترجمة ٣٩٨. المعجم الكبير : ٢ / ١٩ ـ ٢٣.
(٣) ـ راجع المسند : ٥ / ٣٥٦.
(٤) ـ كذا في النسخة ومعادن الحكمة ، واستدرك في هامش النسخة : «وأصبنا ـ ل» بدلا من أصفينا. وفي كشف المحجة : «فغزونا وأصبنا» ؛ ولعله الصحيح.