ولقد كان سعد (١) لمّا رأى الناس يبايعون أبا بكر نادى : «أيّها الناس إنّي ـ والله ـ ما أردتها حتّى رأيتكم تصرفونها عن عليّ ، ولا ابايعكم حتّى يبايع عليّ ، ولعلّي لا أفعل وإن بايع» ؛ ثمّ ركب دابّته وأتى حوران (٢) ، وأقام في عيّان (٣) حتّى هلك ولم يبايع.
وقام فروة بن عمرو (٤) الأنصاري ـ وكان يقود مع رسول الله فرسين ، ويصرم ألف وسق (٥) من تمر فيتصدّق به على المساكين ـ فنادى : «يا معشر قريش ؛ أخبروني هل فيكم رجل تحلّ له الخلافة وفيه ما في عليّ»؟
فقال قيس بن مخرمة الزهري (٦) : «ليس فينا من فيه ما في عليّ».
__________________
(١) ـ سعد بن عبادة الأنصاري سيد الخزرج من معاريف الأنصار. قال ابن عباس : «كان لواء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع عليّ ولواء الأنصار مع سعد بن عبادة. قتل سنة إحدى عشرة أو أربع عشرة في خلافة عمر. راجع : المعارف : ٢٥٩. اسد الغابة :
٢ / ٢٠٤. كنز العمال : ١٣ / ٤٠٤. طبقات ابن سعد : ٣ / ٦١٣ ـ ٦١٧.
(٢) ـ حوران : كورة واسعة جنوب دمشق ذات قرى كثيرة.
(٣) ـ كذا في النسخة ومعادن الحكمة. قال الياقوت : «عيّان : ... بلد باليمن من ناحية مخلاف جعفر». ويظهر أنها غير المقصود في هذه الرواية ، فإن سعدا قتل بنواحي الشام ، ولم اعثر على ذكر من العيان بالشام. وجاء في المعادن وكشف المحجة بدلا عنها :
«في خان» ، ـ ولعله الصحيح ـ وفيه : «في عنان ـ نسخة».
(٤) ـ كتب في النسخة : «فروة بن عمر». واستدرك على الهامش : «عمرو ـ ل».
وهو فروة بن عمرو بن دقة الأنصاري ، في اسد الغابة (٤ / ٥٧ ، الترجمة ٤٢١٣) : «شهد العقبة وبدرا وسائر المشاهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم». وقال ابن أبي الحديد (الشرح : ٦ / ٢٩) : «كان سيدا وهو من أصحاب عليّ وممن شهد معه يوم الجمل».
(٥) ـ الصرم : القطع. الوسق : حمل البعير. وقيل : ستون صاعا.
(٦) ـ قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف ، ولد هو ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عام الفيل ، وكان من المؤلفة قلوبهم وحسن إسلامه. راجع اسد الغابة : ٤ / ١٤٥ ، الترجمة ٤٣٩٥.