وآباءهم ، ويستفتح أرضهم وبلادهم وديارهم ، وهم في كل هذا ناكصون عن معارضته ، مجمحون عن مماثلته ، مخادعون أنفسهم بالتشعيث بالتكذيب ، والاغتراء بالافتراء ، وقولهم : (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) [٧٤ / ٢٤] ، و (سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) [٥٤ / ٢ ، و (إِفْكٌ افْتَراهُ) [٢٥ / ٤] ، و (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [٦ / ٢٥].
والمباهتة والرضاء بالدنيّة كقولهم : (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) [٤١ / ٥] ، و (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ) [٤١ / ٢٦].
والادّعاء مع العجز بقولهم : (لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا) [٨ / ٣١].
وقد قال لهم الله : (وَلَنْ تَفْعَلُوا) [٢ / ٢٤] ، فما فعلوا ولا قدروا ، بل ولّوا عنه مدبرين ، وأتوا مذعنين من بين مهتد وبين مفتون.
ولهذا لمّا سمع الوليد بن المغيرة (١) من النبيّ صلىاللهعليهوآله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) [١٦ / ٩٠] ، قال (٢) : «والله إنّ له لحلاوة ، وإنّ عليه لطلاوة ، وإنّ أسفله لمغدق (٣) ، وإنّ أعلاه لمثمر ، وما يقول هذا بشر».
__________________
(١) ـ وليد بن المغيرة بن هشام المخزومي ، أبو خالد بن الوليد ؛ كان من المخاصمين والمستهزئين برسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يسلم. راجع طبقات ابن سعد : ١ / ٢٠٠. سيرة ابن هشام : ١ / ٣٦١ و ٣٦٢ و ٣٩٥ و ٤٠٩.
(٢) ـ أورده البيهقي في الدلائل : باب اعتراف مشركي قريش بما في كتاب الله من الإعجاز : ٢ / ١٩٩. وجاء ما يقرب منه في المستدرك للحاكم : ٢ / ٥٠٦.
(٣) ـ قال في النهاية (٣ / ١٣٧) : «وفي قصة الوليد بن المغيرة : «إنّ له لحلاوة ، وإنّ عليه لطلاوة» : أي رونقا وحسنا». وقال أيضا (٣ / ٣٤٥) : «في حديث الاستسقاء : «اسقنا غيثا غدقا مغدقا» ، الغدق ـ بفتح الدال ـ : المطر الكبار القطر ، والمغدق : مفعل منه ، أكّده به. يقال : أغدق المطر ، يغدق إغداقا ، فهو مغدق».