وعن أنس (١) : لمّا اسري برسول الله صلىاللهعليهوآله من مسجد الكعبة ، إذ جاءه ثلاثة نفر ، قبل أن يوحى إليه ـ وهو نائم في المسجد الحرام ـ. فقال أوّلهم : «إنّه هو» (٢). فقال أوسطهم : «هو خيرهم». فقال آخرهم» «خذوا خيرهم». فكانت تلك الليلة ؛ فلم يرهم حتّى أتوه ليلة اخرى ، فيما يرى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه ـ
ـ وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولاتنام قلوبهم ـ
ـ فلم يكلّموه حتّى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم ، فتولّاه منهم جبرئيل ، فشقّ جبرئيل ما بين نحره إلى لبّته حتّى فرغ من صدره وجوفه ؛ فغسل من ماء زمزم بيده ، حتّى أنقى جوفه ، ثمّ أتى بطست من ذهب محشوّا إيمانا وحكمة ، فحشا به صدره ولغاديده (٣) بغير عروق خلقه (٤) ، ثمّ أطبقه ، ثمّ عرج به إلى السماء» ـ إلى آخر حديث الإسراء ، وسنذكره في باب على حدة إن شاء الله (٥) ـ.
__________________
(١) ـ البخاري : كتاب التوحيد : باب قوله (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) ، ج ٩ ص ١٨٢.
(٢) ـ البخاري : أيّهم هو.
(٣) ـ قال في النهاية (٤ / ٢٥٦) : هي جمع لغدود ، وهي لحمة عند اللهوات. ويقال له : لغد أيضا ويجمع : ألغادا.
(٤) ـ كذا في النسخة ، والأظهر كونه سهوا ، والصحيح ما في البخاري : «يعني عروق حلقه».
فيكون تفسيرا من الراوي للغاديد.
(٥) ـ قال العلامة المجلسي (البحار : ١٦ / ١٤٠) : «اعلم أنّ شقّ بطنه صلىاللهعليهوآله في روايات العامّة كثيرة مستفيضة ـ كما عرفت ـ وأما رواياتنا وإن لم يرد فيها بأسانيد معتبرة ، لم يرد نفيها أيضا ؛ ولا يأبى عنه العقل أيضا ؛ فنحن في نفيه وإثباته من المتوقّفين ، كما أعرض عنه أكثر علمائنا من المتقدّمين ؛ وإن كان يغلب على الظنّ وقوعه ـ والله تعالى يعلم وحججه عليهمالسلام ـ».
وقد أورد الروايات في البحار : ١٥ / ٣٥٢ و ٣٦٥ و ٣٦٦ و ٣٧٩.