فصل [٤]
قيل (١) : وكما أنّ ائتلاف أعضاء الشخص الواحد الإنساني منتظمة في رباط واحد ، منتفعة بعضها عن بعض مع اختلافها وامتيازها عن بعض : يدلّ على أنّ مدبّرها وممسكها عن الانحلال قوّة واحدة ومبدأ واحد : فكذلك ارتباط الموجودات بعضها ببعض على الرصف الحقيقي والنظم الحكمي دليل على أنّ مبدعها ومدبّرها وممسك رباطها أن ينفصم واحد حقيقيّ (يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) [٣٥ / ٤١] إذ لو كان معه من إله لتميّز صنع بعضهم عن بعض ، فينقطع الارتباط ، ويختلّ النظام (إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) [٢٣ / ٩١].
وسئل مولانا الصادق عليهالسلام (٢) : «ما الدليل على أنّ الله واحد»؟ قال : «اتّصال التدبير وتمام الصنع ؛ كما قال ـ عزوجل ـ : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [٢١ / ٢٢]».
وقال مولانا أمير المؤمنين ـ عليه الصلاة والسلام ـ في وصاياه لابنه الحسن عليهالسلام (٣): «واعلم يا بنيّ أنّه لو كان لربّك شريك لأتتك رسله ، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ، ولعرفت أفعاله وصفاته ، ولكنّه إله واحد كما وصف نفسه ، لا يضادّه في ملكه أحد ولا يزول أبدا».
__________________
(١) ـ عين اليقين : ٣٠٤. راجع المبدأ والمعاد : ٦٢.
(٢) ـ التوحيد : باب الرد على الثنويّة : ٢٥٠. عنه البحار : ٣ / ٢٢٩.
(٣) ـ نهج البلاغة : الرسالة ٣١. عنه البحار : ٤ / ٣١٧. وجاء مع فروق يسيرة فى تحف العقول : ٧٢ ـ ٧٣. عنه البحار : ٧٧ / ٢٢١.