وأيضا لو تعدّد فلا يمتاز أحدهما عن الآخر بنفس ما اشتركا فيه ، ولا بلازمه ـ وهو ظاهر ـ ولا بعارض غريب ، إذ ليس ورائهما مخصّص ؛ وإن خصّص أحدهما نفسه أو صاحبه ، فيكونان قبل التخصّص متعيّنين لا بالمخصّص ؛ هذا محال ف (لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [١١٢ / ٤].
وأيضا إمّا أن يقتضي ذاته الوحدة ، فلا يكون إلّا واحدا ؛ أو التعدّد ، فلا يوجد في واحد ، وإذ لا واحد ، فلا متعدّد ؛ أو لا ذا ولا ذاك ، فيتساوى نسبة مراتب الأعداد إليه ، فالتعيّن إمّا لمرجّح : فيفتقر إليه ؛ أو لا لمرجّح : فيلزم الترجيح بلا مرجّح ؛ فلا ندّ له.
وأيضا لو تعدّد ، فإمّا أن يفتقر كلّ منهما أو أحدهما إلى الآخر ، فلا يكون غنيّا مطلقا ولا وجودا تامّا ؛ أو يستغني عنه ، فيكون المستغنى عنه عادما لكمال ما هو فقر كلّ شيء إليه ، ومفتقرا في تحصيله إلى غيره ، ولزم المحذور أيضا ؛ ف (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) [١٦ / ٥١].
وأيضا يلزم أن يكون أثر أحدهما بعينه ممكنا أن يكون أثر الآخر ، لاتّفاقهما في الحقيقة ـ أعني الوجود الأتمّ ـ فاستناده إلى أحدهما دون الآخر يوجب ترجّحا بلا مرجّح ، وصدوره عنهما جميعا يوجب صدور أمر واحد بالشخص عن متعدّد ـ وكلاهما محال ـ فإذن لو كان في السماوات والأرض (آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [٢١ / ٢٢] ولم توجدا.