مقدّمة (١)
اعلم أنّ العلم والعبادة جوهران لأجلهما كان كلّ ما ترى وتسمع من تصنيف المصنّفين وتعليم المعلّمين ، ووعظ الواعظين ونظر الناظرين ؛ بل لأجلهما انزلت الكتب وارسلت الرسل ؛ بل لأجلهما خلقت السماوات والأرض وما فيهما من الخلق.
وناهيك لشرف العلم قول الله عزوجل : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) [٦٥ / ١٢] ؛ ولشرف العبادة قوله سبحانه : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [٥١ / ٥٦].
فحقّ للعبد أن لا يشتغل إلّا بهما ، ولا يتعب إلّا لهما ، ولا ينظر إلّا فيهما ؛ فإنّ ما سواهما من الامور باطل لا خير فيه ، ولغو لا حاصل له.
وأشرف الجوهرين العلم ؛ ففي الحديث النبوي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) : «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم».
__________________
(١) ـ أورد المجلسي ـ قدسسره ـ ما جاء في هذه المقدمة ـ إلى آخر الفصل الرابع مع حذف بعض المرويات ـ في البحار : ٧٠ / ١٣٩ ـ ١٤٢ ، حكاية عن بعض المحققين.
(٢) ـ منية المريد : الفصل الثاني من المقدمة ، ١٠١. الترمذي : ٥ / ٥٠ ، كتاب العلم ، باب (١٩) ما جاء في فضل الفقه على العبادة ، ح ٢٦٨٥. حياة الحيوان : النملة ، ٢ / ٣٧٦. والنون ، ٣٨٣. ومع فرق يسير في إحياء علوم الدين : كتاب العلم ، الباب الأول ، ١ / ١٤. وفي سنن الدارمي (باب في فضل العلم والعالم ، ١ / ٩٨) : «فضل هذا العالم ـ الذي يصلي المكتوبة ثم يجلس فيعلم الناس الخير ـ على العابد كفضلي على أدناكم رجلا».