* * *
وقال المفسّرون : فائدة ذلك أنّ المكلّف إذا علم أنّ الملائكة موكّلون به ، يحصرون عليه أعماله ، ويكتبونها في صحائف تعرض على رءوس الأشهاد في موقف القيامة : كان ذلك أزجر له عن القبائح.
قيل : ويشبه أن يكون الإشارة بانتظار ملك اليسار ـ كاتب السيّئات ـ توبة العبد : إلى أنّه ما دامت السيّئة حالة غير متمكّنة من جوهر نفس العبد فإنّ رحمة الله تسعه ، فإذا تاب من تلك السيّئة لم تكتب في لوح نفسه ، وإن لم يتب حتّى صارت ملكة راسخة في نفسه كتبت وعذّب بها يوم تقوم الساعة.
قيل : وإنّما سمّوا : «كراما» لأنّهم إذا كتبوا حسنة يصعدون به إلى السماء ويعرضون على الله ـ تعالى ـ ويشهدون على ذلك ، فيقولون : «إنّ عبدك فلان : ، عمل حسنة كذا وكذا» ، وإذا كتبوا من العبد سيّئة يصعدون به إلى السماء مع الغمّ والحزن ، فيقول الله ـ تعالى ـ : «ما فعل عبدي»؟ فيسكتون حتّى يسأل الله ثانيا ، وثالثا ، فيقولون : «إلهى ـ أنت ستّار ، وأمرت عبادك أن يستر عيوبهم ، استر عيوبهم وأنت علّام الغيوب».
ولهذا يسمّون : «كراما كاتبين».