لكم لرأيتموه على كل سهل وجبل ، كلّهم باسط يده ، فاغر فاه ؛ ولو وكلّ العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين».
وعن كعب (١) : «لو لا أنّ الله وكّل بكم ملائكة يذبّون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لتخطّفتكم (٢) الجنّ».
* * *
قال شارح نهج البلاغة (٣) : «الحفظة منهم حفظة للعباد كما قال تعالى : (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) [١٣ / ١١] ، ومنهم حفظة على العباد كما قال تعالى : (وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) [٦ / ٦١]. والمراد من الأوّلين حفظ العباد بأمر الله من الآفات التي تعرض لهم ، ومن الآخرين ضبط الأعمال والأقوال من الطاعات والمعاصي كما قال : (كِراماً كاتِبِينَ* يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) [٨٢ / ١١ ـ ١٢]. وكقوله : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [٥٠ / ١٨].
ـ قال : ـ «ويحتمل أن يكون تعدّدهما تعدّدا بحسب الذوات ، ويحتمل أن يكون بحسب الاعتبار» ـ انتهى ـ.
ويأتى الكلام في الحفظة على العباد والكرام الكاتبين في باب آخر (٤) ـ إن شاء الله ـ.
__________________
(١) ـ كعب الأحبار. حكاه عنه في مجمع البيان : ٥ / ٢٨١. والطبري : ١٣ / ٧٩.
(٢) ـ مجمع البيان : لتخطفنكم. الطبري : لتخطفتم (وليس فيه كلمة «الجن»).
(٣) ـ شرح نهج البلاغة للبحراني : شرح الخطبة الاولى : ١ / ١٦٣.
(٤) ـ راجع الباب الآتي.