عليهم من القرآن لا يعرفونه ، فإذا أخبرناهم به انشرحت صدورهم لما يسمعون منّا ، وسألوا الله لنا طول البقاء ، وأن لا يفقدونا ، ويعلمون أن المنّة من الله عليهم فيما نعلّمهم عظيمة. ولهم خرجة مع الإمام إذا قاموا يسبقون فيها أصحاب السلاح منهم ويدعون الله أن يجعلهم ممّن ينتصر به لدينه.
فيهم كهول وشبّان ، إذا رأى شابّ منهم الكهل جلس بين يديه جلسة العبد ، لا يقوم حتّى يأمره ، لهم طريق هم أعلم به من الخلق إلى حيث يريد الإمام ، فإذا أمرهم الإمام بأمر قاموا عليه أبدا ، حتّى يكون هو الذي يأمرهم بغيره.
لو أنّهم وردوا على ما بين المشرق والمغرب من الخلق لأفنوهم في ساعة واحدة ، لا يختلّ الحديد فيهم ، ولهم سيوف من حديد غير هذا الحديد ، لو ضرب أحدهم بسيفه جبلا لقدّه حتّى يفصله ؛ يغزو بهم الإمام الهند والديلم والكرك والترك والروم وبربر ، وما بين جابرس إلى جابلق ـ وهما مدينتان : واحدة بالمشرق واخرى بالمغرب ـ
لا يأتون على أهل دين إلّا دعوهم إلى الله ، وإلى الإسلام ، وإلى الإقرار بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن لم يقرّ بالإسلام ولم يسلم قتلوه حتّى لا يبقى بين المشرق والمغرب وما دون الجبل أحد إلّا أقرّ» (١).
__________________
(١) ـ لو صحّت الرواية ـ وكذا الروايات الآتيات ـ فلا استغراب فيها ، إذ الظاهر من القرائن المتعدّدة المذكورة فيها كونهم خلقا غيرنا لا يشبهونا ، ولعلّهم غير جسمانيين ، كما يومي إليه قوله : «طعامهم التسبيح» و «لا يختل فيهم الحديد» و «يصلي الرجل منهم شهرا لا يرفع رأسه من السجود» و «لا يعرفون إبليس ، ولا يعلمون خلق إبليس».